يتوق الكثير من الناس لحلول فصل الصيف، على رغم حرارة نسائمه ولهيب شمسه، وهو ما يدعوهم للزحف الجماعي نحو المطارات الدولية والإمساك بتلك الدفاتر الخضراء الصغيرة، للتحليق هرباً إلى سماء وأجواء ربيعية، تبثّ في أنفسهم الانتعاش، وتبعث فيهم الارتياح، وتُنسيهم عناءهم السنوي وإن اختلفت أهدافهم ووجهاتهم. ومنهم من يغلب لديه التوجّه الطبيعي لرغبته بمعايشة المناظر الطبيعية والأجواء المعتدلة التي تحظى بها بعض الدول وتميّزها عن سواها، ومنهم من يبحث عن الجانب الترفيهي المنطلق من الاهتمام بمتابعة جديد المهرجانات والحفلات التي تسعى بلدان كثيرة إلى جعلها وسيلة جذب للسياح. وثمة من يكون التنوّع هدفه المنشود، ليجول بين دول وثقافات عدة في موسم واحد. وحتى الأطفال بدأوا يكونون رغباتهم الخاصة ولهم النصيب الأكبر في زيارة بعض الأماكن التي اشتهرت بمدن الألعاب الترفيهية، أو التي شهدت ولادة شخصية كرتونية أحبوها. لكن ما يلفت النظر أن النسبة العظمى من السيّاح السعوديين تكون اتجاهاتهم بالدرجة الأول إلى الجوانب الذي يفتقدونها محلياً، وتأتي في مقدمها دور السينما، ليصبح العمل على أن تتزامن زيارة الدولة مع طرح شركات الإنتاج وصالات العرض أكبر عدد ممكن من الأفلام الجديدة، لتكون لهم الأسبقية في مشاهدتها، والاستمتاع بها قبل غيرهم. ويضاف إلى السينما، البحث عن المهرجانات الغنائية التي تقدم سلسلة من الأمسيات لألمع النجوم، وتتيح لحاضريها لقاء نجوم لطالما رغبوا بمشاهدتهم على أرض الواقع، والاستمتاع المباشر بأصواتهم من دون وسائط أخرى من تلفاز وراديو وغيره. ولا شك في أن رحلات التسوّق وزيارة أشهر دور الأزياء والماركات العالمية تعد بالنسبة للسيدات والفتيات خصوصاً أمراً مهما يحدد وجهة السفر، فيرجعن محملات بأضعاف ما ذهبن به. وما يستهوي السائح السعودي أيضاً خوض المغامرة والإثارة التي توفّرها المدن الترفيهية، وتجربة المأكولات الشهية والتي تشتهر بها بعض الدول حيث للمطاعم العالمية نصيبها من الجذب، إذ تتيح لزوارها معايشة المذاق بكل حواسهم بعدما عايشوا بعضه عند مشاهدتهم لتلك الوجبات على شاشات التلفاز أو صفحات الانترنت. وقد تتشابه الدول المستقطبة السياح في توفيرها كلَّ تلك الأوجه الترفيهية، وتتفق في تقديمها للقادمين إليها بدرجات متفاوتة، إلا أن ما يميّز بعضها عن غيرها هو الجانب التاريخي للدولة، والذي يتاح التعرّف إليه من خلال المتاحف التي تعكس تراثها وماضيها، بيدَ أن ذلك يغفل عنه العديد من السياح ويتجاهلونه ولا يلقون له بالاً، ليذيّل هذا الجانب اولويات السائح للتواجد في دولة ما. لندن معتز انتهى من حزم حقائبه بنيّة الاتجاه إلى عاصمة الضباب لندن، ليلتحق بمجموعة من أصدقائه الذين سبقوه. يقول معتز إن زيارته هذه هي الأولى له إلى أوروبا، واختار الذهاب إلى لندن لما سمعه وقرأه وشاهده من صور عنها. يقول: «ما وقعت عليه جدير بالزيارة، فمثلاً لطالما سمعت عن الهايد بارك حتى أصبحت حريصاً على رؤيتها والتواجد فيها، إضافة إلى رغبتي بزيارة معالم لندن المعروفة كمتحف الشمع ومسارحها التي قرأت عنها كثيراً، إضافة إلى شارع اكسفورد لشراء بعض الهدايا، وبالطبع زيارة دور السينما لمشاهدة أحدث الأفلام، سأسعى إلى زيارة مختلف الأماكن التي تُعرف بها لندن». باريس معاذ سيغادر إلى باريس للمرة الثالثة على التوالي، فهو يجدها المتنفس الأفضل. ويقول: «منذ زيارتي الأولى لها قررت الذهاب إليها سنوياً، إذ أجد فيها متعة يصعب وصفها، فعند جلوسي في جادة الشانزلزيه أجد نفسي في عالم آخر من المتعة على رغم كثرة العرب الذين تعودت عليهم وما يحويه من صخب، إضافة إلى اهتمام إخوتي حينما ترافقني عائلتي بالذهاب إلى مدينة ديزني لاند الترفيهية». معاذ لا تستهويه الأماكن التاريخية لكونه لا يجد فيها المتعة التي يبحث عنها، مكرراً زيارته إلى الاماكن نفسها. فيينا عبير جعلت النمسا وجهتها هذا الصيف. فهي تجدها أكثر بلد يتميّز بطبيعته وحدائقه. وتقول: «عندما أجلس وسط تلك الحدائق أشعر بارتياح نفسي كبير، فمثل هذه المناظر الطبيعية الجميلة لا أجدها إلا في السفر، إضافة إلى الرحلات البحرية والجبلية التي توفّرها، بجانب إمكانية التوجّه إلى دولة أخرى كألمانيا بواسطة القطار». وتُرجع عبير سبب عدم زيارتها المتاحف إلى عدم اهتمامها بالتاريخ إضافة إلى وجود أطفالها برفقتها، في الوقت الذي تمنع فيه المتاحف دخول الأطفال. بيروت أما ريم فتجد أن بيروت هي المكان الأفضل والأمتع لها، لأنها برأيها تمتلك كل مقومات الجذب السياحي. وتقول: «إن أردت الأجواء الجميلة فسأجدها، وإن أردت المقاهي والمطاعم الراقية والأجواء المسلية فهي متوافرة، كذلك إن أردت الترفيه وزيارة المدن الاثرية، أو حضور الحفلات الغنائية، أو مشاهدة الأفلام العربية والأجنبية الجديدة فإني سأجدها من دون عناء، وبالتالي أجد أن بيروت هي المكان الأمثل للسياحة ومناسبة للسعوديين كثيراً».