في عام 1952 التقى الرسام بول غيراغوسيان شابة ارمنية في المدرسة التي كان يعلم فيها فن الرسم في أحد أحياء منطقة برج حمود، وكانت تدعى جوليات هنديان. ولم تمض ايام على هذا اللقاء حتى بدا يشعر واحدهما ببعض الحب تجاه الآخر ولم يلبث هذا الحب ان عصف بقلبيهما الى ان تزوجا بعد فترة قصيرة. لكنّ بول أصرّ على تعليم فتاته الرسم وكان استاذاً صارماً، ولم يتوان عن تمرير ريشته احياناً على لوحاتها. وعندما تزوجا ظلت ترسم ولكن قليلاً لا سيما بعد انجاب الابناء. وما ان كبرت العائلة حتى انقطعت عن الرسم من غير ان تهجره، بل انها راحت ترافق زوجها عن كثب في محترفه وكانت دوماً اول من يشاهد اعماله. الا ان الزوجة احتفظت بما رسمت طوال تلك الفترة وبلغت لوحاتها نحو اربعين، وبدت من خلالها كأنها تميل الى الطبيعة بألوانها الغنائية ومناظرها. لكنها لم تكن غريبة عن التجريد وعن اللعب بالاشكال والاحجام، كما بمساحات اللوحة. اما بول، الرسام والزوج، فلم يتوان عن استيحاء وجه امرأته وإطلالتها وراح يرسمها مستخدماً ريشته واسلوبه الفريد ذا المنحى الغنائي الذي يحتفل بالالوان والخطوط. وقد بلغت اللوحات التي رسم فيها زوجته نحو 20 لوحة تختلف في احجامها. وبعد 12 سنة على رحيل الرسام ارتأى ابناؤه ان يقيموا معرضاً يبدأ في 28 الجاري (صالة ايماغوس) يجمعون فيه بعضاً من اعمال بول التي رسم فيها زوجته وبعضاً من لوحات جوليات شبه المجهولة. وسيكون هذا المعرض تحية الى الرسام وزوجته، فنانة وأماً. ومعروف ان غيراغوسيان استوحى شخصية الأم كثيراً حتى غدت رمزاً من رموز عالمه الفني.