قال المحقق العام في أوغندا كالي كايهورا إن الشرطة أوقفت 20 مشتبهاً في إطار التحقيق في التفجيرين اللذين استهدفا العاصمة كمبالا قبل أسبوع وأسفرا عن مقتل 76 شخصاً كانوا يتابعون على شاشة التلفزيون المباراة النهائية لكأس العالم في جنوب أفريقيا. وقال كالي كايهورا إن جميع الموقوفين لهم علاقة ب «حركة الشباب المجاهدين» الصومالية التي تبنّت الهجومين الدمويين، وإن بينهم أوغنديين وصوماليين وإثيوبيين وباكستانيين. وأوضح كايهورا أمس أن أجهزة الأمن تُحقق مع الموقوفين العشرين لكشف ما إذا كانوا متورطين في الهجمات، مشيراً إلى أن 37 شخصاً من المصابين ما زلوا يُعالجون في المستشفيات. وكانت الشرطة الكينية أعلنت الجمعة توقيف مشتبه آخر يوم الأربعاء على نقطة تفتيش قرب الحدود مع الصومال. وفي مقديشو، طالب الرئيس الصومالي شريف شيخ شيخ أحمد الجمعة بدعم دولي أكبر لبلاده بعد الاعتداء المزدوج في العاصمة الأوغندية والذي تبنته «حركة الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» والتي تسعى إلى إطاحة حكمه. وقال شريف أحمد الذي تسيطر قواته على جزء فقط من مقديشو، إن «الصومال لم يكن في مثل هذا الوضع الحرج، والمتمردون المسلحون الذين يهددون مواطنينا، وسّعوا نطاق عملياتهم خارج البلاد». وأضاف أن «المجتمع الدولي لم يفعل ما يكفي حتى الآن من أجل استقرار الصومال لكننا نأمل الآن أن يساعدونا في حل المشكلة». وقال: «إن مواجهتهم واستئصالهم ينبغي أن يحصل من خلال عمل جماعي». وكانت «حركة الشباب» التي تبنّت هجوم كمبالا الذي نُفّذ في 11 تموز (يوليو)، توعدت أيضاً بعمليات انتقامية جديدة ضد الدول المشاركة في قوة الاتحاد الأفريقي في الصومال «أميصوم» (أي دولتي أوغندا وبوروندي). وقال شريف شيخ أحمد في هذا الصدد: «نحن جميعنا على علم بالهجمات التي نفّذوها في كمبالا. لا نريد أن يتحوّل الصومال إلى قاعدة لأولئك الذين يريدون زرع الفوضى ليس فقط هنا وانما في دول أخرى في العالم». وأوغندا هي حتى اليوم المساهم الأكبر في قوة السلام في الصومال بنحو 3500 جندي، فيما تشارك بوروندي بنحو 2500 عنصر. وتشكل القوة الأفريقية آخر درع في مقديشو لحماية الحكومة الانتقالية الصومالية في مواجهة الهجمات المتكررة لمتمردي «الشباب» الذين يسيطرون على القسم الأكبر من وسط الصومال وجنوبه وتعهدوا إطاحة الرئيس شيخ أحمد، الإسلامي الذي انتخب في كانون الثاني (يناير) 2009. وفي بداية تموز (يوليو)، أعلنت الدول الست في شرق أفريقيا الأعضاء في الهيئة الحكومية للتنمية (ايغاد) نيتها إرسال ألفي جندي إضافي لتعزيز القوة الأفريقية في الصومال، من دون أن توضح كيفية تقاسم هذا الجهد في ما بينها. وفي القاهرة (الحياة)، أُعلن رسمياً أن الرئيس المصري حسني مبارك سيستقبل اليوم الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد الذي بدأ زيارة رسمية لمصر أمس تستغرق يومين. وستتناول المحادثات آخر تطورات الأوضاع في الصومال والقرن الأفريقي والقضايا المدرجة على قمة الاتحاد الأفريقي التي ستعقد نهاية هذا الشهر في أوغندا. كما يلتقي شيخ شريف رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب. وقالت مساعد وزير الخارجية المصري السفيرة وفاء بسيم إن المحادثات المصرية - الصومالية ستتناول تفعيل التعاون السياسي والاقتصادي بهدف تعزيز عودة الاستقرار والأمن والسلام في ربوع الصومال من خلال بناء مؤسساته، ما سينعكس على استقراره واستقرار منطقة القرن الأفريقي ودول الجوار. وأضافت بسيم أن مصر ترعى الصومال منذ سنوات وتسعى إلى تقديم كل المساعدات الإنسانية والتعاون الفني في مجالات التدريب والتنسيق، كما تشارك مصر في الجهد الدولي الخاص بمكافحة ظاهرة القرصنة البحرية أمام السواحل الصومالية، وفي منطقة المحيط الهندي والتي «ترى مصر أن علاجها فقط لا يكون من طريق العمليات العسكرية البحرية وإنما بمعالجة جذور المشكلة السياسية والاقتصادية على الأرض في الصومال». وشرح وزير خارجية الصومال يوسف حسن إبراهيم التجاوزات التي تقوم بها «ميليشيا الشباب». وقال: «إنهم غيّروا العلم الصومالي إلى اللون الأسود». وطالب بمزيد من التعاون مع بلاده من قبل الدول العربية والاتحاد الأفريقي لبناء جيش وطني قوي صومالي قادر على حفظ السلام وإقرار الشرعية وتحقيق الاستقرار. كما طالب الاتحاد الأفريقي بزيادة أعداد القوات الأفريقية لحفظ السلام في الصومال. ولاحظت وكالة «فرانس برس» في تقرير من كمبالا أن موضوع الصومال فرض نفسه في الحملة الانتخابية الأوغندية، مشيرة إلى تنديد المعارضة بمخاطر أي تدخل عسكري متزايد في مقديشو دعا إليه رئيس الدولة يويري موسفيني. ورأى المعارض الأوغندي كيزا بيسيغييه الذي يتوقع أن يترشح للمرة الثالثة ضد موسفيني أثناء الانتخابات الرئاسية المرتقبة في شباط (فبراير) 2011، «أن نتائج هذه المغامرة العسكرية قد تكون لها عواقب مريعة على الجميع». وفي معرض رده على سؤال حول مشاركة أوغندا في قوة «أميصوم» منذ انتشارها في آذار (مارس) 2007، وأضاف بيسيغييه: «لقد عارضت منذ بداية (هذا التدخل)». واعتبر أن إرسال قوات لحماية حكومة صومالية انتقالية لا تسيطر سوى على بعض أحياء العاصمة أمر يتعذر الدفاع عنه. وأكد زعيم الحزب المحافظ الأوغندي جون كين لوكياموزي، من جهته، وجوب «الانسحاب الفوري» للجنود الأوغنديين في «أميصوم»، معتبراً المعركة ضد المتمردين الصوماليين خاسرة مسبقاً. وتحتج المعارضة للرئيس موسفيني أيضاً على غياب النقاش حول إرسال قوات إلى بلد أجنبي وفي شكل أعم حول السياسة الخارجية للبلاد. وذكر بيسيغييه كمثال دعم كمبالا لجنوب السودان أثناء الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب بين 1983 و2005 مما دفع الخرطوم الى دعم حركة التمرد الأوغندية «جيش الرب للمقاومة» المسؤولة عن مقتل وخطف عشرات آلاف الأشخاص في شمال أوغندا. وقال: «بمعزل عن صحة أي من هذه النزاعات فإن المشكلة تكمن في الاستخفاف بالعمل البرلماني وبالنتيجة بالشعب الأوغندي». وفي لهجة أكثر اعتدالاً، دعا بيباندي سالي الذي شغل مناصب حكومية خلال أكثر من عشر سنوات ويعتزم ترشيح نفسه الى الانتخابات الرئاسية المقبلة، الى اعتماد أوغندا «موقفاً متورياً أكثر» في الملف الصومالي. لكن الرئيس موسفيني اعتمد بعد اعتداءات كمبالا موقفاً أكثر تشدداً من أي وقت مضى، داعياً إلى «تصفية» حركة «الشباب». وقال: «نحن في مقديشو ليس فقط لحراسة المرفأ والمطار والرئاسة. إنهم (الشباب) دفعونا الآن إلى الذهاب للبحث عنهم»، متوعداً: «سننتقل إلى الهجوم بعد الذي فعلوه». ورأى اختصاصي أوغندي في المسائل الأمنية في المنطقة أن الحكومة الأوغندية لن تتأثر بأي ضغوط محتملة من الرأي العام أو من المعارضة بل على العكس ستتبنى موقفاً أكثر عدائية إثر الاعتداءات. واعتبر انجيلو ايزاما الباحث في مركز الأبحاث الأوغندي «فاناكا كوا ووتي» انه «بمعزل عن هذا الحادث، هناك اتجاه للتصعيد (من أوغندا) في مقديشو». وقال لوكالة «فرانس برس»: «لا اعتقد أن هذه الهجمات ستخفف من هذا الاتجاه. إن التساؤل (...) هو: كيف يمكن وضع حد للتهديد؟ الجواب العام هو تغيير الوضع القائم في الصومال». وللتدليل على حزمها أعلنت الحكومة الأوغندية استعدادها هذا الأسبوع لإرسال ألفي جندي إضافي الى الصومال كما دعت إلى اعتماد «أميصوم» تفويضاً أكثر هجومية.