هدأ الكرنفال التلفزيوني الخاص بالمونديال مع صفارة الحكم النهائية لتدخل القنوات التلفزيونية في استراحة ما بين الشوطين. الشوط الأول رياضي بحت درّ أموالاً كثيرة على القناة صاحبة الحق الحصري في بث المباريات في العالم العربي («الجزيرة الرياضية»)، كما جذب مشاهدين الى القنوات الأخرى التي لم تغفل عن هذا الحدث الكبير، فأعدّت له العدة من خلال برامج رياضية ترفيهية منوعة. الشوط الثاني لا يقل أهمية، سواء في حجم الحدث أو في قدرته على جذب المشاهد الى صنّارة الشاشة الصغيرة. ففيه تصل نسبة المشاهدة التلفزيونية في العالم العربي الى ذروتها. وفيه، أيضاً، تصل أجور النجوم الى أعلى مستوياتها. وله تخصّص موازنات كبرى وتتنافس شركات إنتاجية وقنوات تلفزيونية على استقطاب أفضل نتاجات العام أو تلك النتاجات التي تحمل في طياتها معايير الربح مثل أسماء مشاهير ونجوم تضمن تسويق المسلسلات والبرامج... موسم رمضان الذي ينتظره أهل التلفزيون لتحريك مؤشر المشاهدة الى أقصى حدوده، شارف على قرع باب الشاشات. وبدأت خريطة القنوات تتضح، والأخبار تتقاذف حول حصول النجم الفلاني على أعلى أجر بين أبناء جيله، وكسر الفنانة الفلانية الرقم القياسي في مشاركتها في أكثر من عمل في وقت واحد، ونزاع نجوم المسلسل الواحد على تراتب الأسماء في شارة البداية، وخلاف فنانتين أثناء تصوير المسلسل الذي يجمعهما، ما يهدد بعدم عرض العمل، وتنافس الجيل الجديد وجيل الكبار... وسواها من الأخبار التي تتوالى حول دراما رمضان، بكل ما تحمله من عناصر جذب، تساهم بدرجة أو بأخرى في التسويق لهذه الأعمال ولنجومها... وتساعد على تحديد الأولويات عند المشاهد من حيث يدري أو لا يدري، قبل أن تأتي ساعة الحسم ليختار من ازدحام المسلسلات المصرية والسورية والخليجية ما يناسبه. وغالباً ما تتجه أنظاره الى المسلسل الذي عرف أصحابه كيف يسوّقونه، ولو أتى ذلك من خلال تسويق المشاكل بين نجومه... وفي انتظار أن يبدأ الشوط الثاني ويدق موسم رمضان التلفزيوني الباب، تعيش قنواتنا استراحة ما بين الشوطين. استراحة ينطلق فيها مسلسل الإعادات والحلقات الأرشيفية. وتأخذ الشاشات إجازة الصيف... وتصل نسبة المشاهدة التلفزيونية الى أدنى مستوياتها... ويصبح مستغرباً أن تطلق القنوات برامج جديدة... تماماً مثلما اعتبر غريباً إطلاق «المستقبل» برنامج «نبض» في عز المونديال... وإطلاق «أو تي في» اللبنانية برنامج مثل «خدني معك» في استراحة ما بين الشوطين. استراحة تثير امتعاض المشاهدين النهمين على هذا الصندوق العجيب واستهجانهم... وتزرع الشوق في نفوسهم لاستقبال موسم الدراما حيث تتدفق عليهم المسلسلات من كل حدب وصوب، قبل أن يتوهوا في الازدحام ويترحموا على الأيام التي كان فيها التلفزيون في إجازة.