أعادت المحكمة الإتحادية العليا في العراق التوازن إلى البرلمان باعتبارها جلستين عقدتا في نيسان (أبريل) الماضي غير دستوريتين، أقيل في الجلسة الأولى رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، وفي الثانية تمت المصادقة على تعديلات وزارية. وكان لافتاً أن كلاً من طرفي الأزمة (رئيس البرلمان ومعارضوه) اعتبر القرار «انتصاراً له». وقال الناطق باسم السلطة القضائية عبدالستار بيرقدار في بيان إن «المحكمة نظرت اليوم (أمس) في الطعن بدستورية جلستي مجلس النواب المنعقدتين الشهر قبل الماضي»، وأضاف أنها «تفرغت خلال المدة الماضية لدرس الدعاوى نظراً إلى أهمية موضوعها واحتراماً لأطرافها وتقديراً لوضع البلد، وتوصلت إلى أن جلسة البرلمان في 26 نيسان (أبريل) كانت غير قانونية وتشكل مخالفة دستورية، ولا يجوز الأخذ بقراراتها حتى وإن كان النصاب قانونياً». وكانت هذه الجلسة قد عقدت بنصاب كامل، بعد إغلاق باب البرلمان لمنع عشرات النواب المحتجين من دخولها، ووافق الحضور على تغيير 5 وزراء، ما يعني أن المحكمة أبطلت تعيين وزيرة العمل وفاء جعفر المهداوي، ووزير الموارد المائية حسن الجنابي، ووزير الصحة علاء غني، ووزير الكهرباء علاء دشر، ووزير التعليم العالي عبدالرزاق العيسى، كما يعني إلغاء إقالة الوزراء السابقين. وعن الجلسة الأخرى التي أقيل خلالها رئيس البرلمان قال بيرقدار: «قررت المحكمة الأخذ بتقرير الخبراء الذين أكدوا أنها غير مكتملة النصاب، فقد حضرها 131 نائباً، ولذا قضت بعدم دستوريتها». وكان عشرات النواب، معظمهم من كتلة «دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي، وبينهم بعض النواب من «اتحاد القوى» السنية اعتصموا داخل البرلمان، وعقدوا جلسة أقالوا خلاها الجبوري، وعينوا عدنان الجنابي بدلاً منه، غير أن تقارير الخبراء أثبتت أنها لم تحقق النصاب القانوني. ويبدو أن الجبهة التي شكلت لإقالة الجبوري ورئيسي الجمهورية والحكومة وأطلقت على نفسها إسم «الإصلاح» أدركت مسبقاً أن قرار المحكمة لن يكون في مصلحتها، فاستبقته بإنهاء مقاطعتها جلسات البرلمان المزمع استئنافها بعد عيد الفطر. إلى ذلك، أعلن الجبوري التزامه قرار المحكمة الإتحادية، وقال في بيان إنه «يؤكد عدم دستورية الممارسات التي قام بها عدد من النواب المعترضين، وقد جاء الحكم في الوقت المناسب». لكنه أعلن أن ذلك «لا يسقط حقه بالادعاء على من تسبب في تخريب المال العام وتضليل العدالة، وانتحال صفة رسمية في شكل غير قانوني». واللافت أن الجبهة المعارضة اعتبرت أيضاً أن الحكم يمثل انتصاراً لها، وقال النائب أحمد الجبوري في اتصال مع «الحياة» إن «قرار المحكمة، وإن لم ينصفنا، لكنه بمثابة انتصار لجبهتتا كونه منحنا صلاحية استجواب هيئة الرئاسة تمهيداً لإقالتها». وأضاف: «بدأنا جمع التواقيع اللازمة لاستجواب الهيئة، والأمر لا يتطلب سوى 110 تواقيع، أي ثلث عدد النواب، وقد تم ذلك بسهولة، ناهيك عن عودة بعض الكتل المنسحبة إلى الجبهة، ككتلة الأحرار وبعض الكتل المنضوية في اتحاد القوى، فضلاً عن كتلة كردية تؤيد مساعي الإصلاح».