أكّد الكاتب الصحافي جاسر الجاسر أن غياب عملية التوثيق والمسآلة في الصحافة الورقية، «أدى إلى ضياع الحقوق لعدم وجود نظام ملزم يحدد العلاقة بين الصحافي وبين الأطراف الأخرى. فإذا لم يكن للصحافة جسم قانوني تتحول إلى مجرد منشورات». وتابع أن الإعلام «لا يزال يحتاج إلى عملية دعم مهني، إضافة إلى غياب المسؤولية الأخلاقية في دعم الصحافي والمراسل». وأشار الجاسر إلى أن عملية الحصار على الصحافة في فترات سابقة، «كونت صورة سلبية للصحافة، ومنعت من تطور العمل الصحافي، فلم يكن هناك تحقيقات ولا أبحاث ولا تقارير». وتطرق مدير قناة «الاقتصادية» سابقاً، في ثلوثية المشوح مساء الثلثاء الماضي، إلى تجربته في قناتي «الإخبارية» و «الاقتصادية»، إضافة إلى تجربته الصحافية الطويلة، في عدد من الصحف والمجلات. وذكّر الجاسر أن الإشكالية في الإعلام «تكمن في تصادمه مع المجتمع» مقارناً بين الفترة السابقة، إذ كان الإعلام «يدار بالصيغة الرسمية وفي شكل بيروقراطي، فكان الصحفي بلا مساهمة حقيقية». وقال إن عملية التغيير، «أسهمت في عودة الإعلام وزادت درجة الشفافية في التعامل مع المسؤولين»، مستشهداً بنجاح الصحافة في إلغاء «الرئاسة العامة لتعليم البنات». ودعا إلى توسيع الهامش الرقابي، «فمسألة الوصاية لم تعد ممكنة في زمن الفضائيات والإنترنت». وقال: إن «عدم السيطرة على الخبر أدى إلى أن يكون الوعي هو الأساس، وبالتالي الصنعة هي البنية الأساسية التي يقوم عليها العمل، لوجود مصادر متعددة غير الصحف». وتناول الصحوة وظهور مصطلحات لم تكن موجودة قبل حرب الخليج، «ما أسس لفصل في المجتمع، ونفي لبعض القيم الإيجابية عن بعض أفراده لدرجة التصنيف الحاد». وفي الوقت نفسه، وصف الحداثة بأنها «كانت تجربة ثقافية هشة وهزيلة، ولم يكن فيها شكل من أشكال النضج المعرفي. مجموعة من الشباب مسيطرين على الملاحق الثقافية، وبالتالي صنعوا نجوماً وهميين، وكانت الكتب مجرد كتيبات ليس فيها قيمة ولا متانة، حتى في المسرح الذي كان أشبه بتجارب وورش. وقال: إن كتابه «عباءة الوهم» اتخذ «موقفاً شرساً من الحداثيين والمحافظين على حد سواء». وتحدث الجاسر عن تنقله بين مجالات عدة، مشيراً إلى أن تجربته في «الاقتصادية» لم تفشل. كما تطرق إلى الصحافة الإلكترونية ومستقبلها.