تباينت مواقف الفلسطينيين ومشاعرهم من اتفاق تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل الذي أعلنه رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس، ولم يتضمن رفع الحصار عن قطاع غزة. وأصبح الاتفاق، الذي نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية تفاصليه أول من أمس، الشغل الشاغل للفلسطينيين في قطاع غزة، وحديث مجلسهم الذي لا ينقطع، فضلاً عن شبكات التواصل الاجتماعي. وفيما التزمت حركة «حماس» الصمت المطبق حيال الاتفاق حتى الآن، نظر بعض الفلسطينيين، ومن بينهم أنصار «حماس»، الى «نصف الكأس الممتلئ» ورأى ايجابيات في الاتفاق متمثلة في سماح اسرائيل لتركيا بإنشاء مستشفى ومحطة لتوليد الطاقة الكهربائية، وإدخال مساعدات تركية الى القطاع. لكن بعض الفلسطينيين، ومن بينهم أنصار حركة «فتح» وكثير من المناوئين لحركة «حماس» الذين يعتقدون جازمين بأن الحركة فشلت فشلاً ذريعاً في ادارة الحكم وأخذت القطاع الى الهاوية، أن الاتفاق يحقق مصالح تركيا فقط. ورأوا أن تركيا نكثت عهوداً قطعتها على نفسها وأعلنت عنها مراراً وتكراراً، من أنها لن تقبل تطبيع العلاقات مع اسرائيل من دون رفع الحصار عن القطاع، وتخلّت عن «حماس» والقطاع معاً في مقابل مصالحها الإستراتيجية. وذهب هؤلاء الى أبعد من ذلك بالقول إن تركيا «تتمسح» بغزة ومقاومتها، مثل غيرها من الدول، ويتقرب «السلطان» التركي طيب أردوغان من الدول والشعوب العربية لإعادة أمجاد الدولة العثمانية. لكن طيفاً ثالثاً من الفلسطينيين ينظر بواقعية أكبر الى الاتفاق، إذ يقول هؤلاء إن تركيا دولة اقليمية كبيرة تتطلع، محقة، الى تحقيق مصالح شعبها وسعت الى رفع الحصار وتحسين أوضاع «الغزيين»، لكن «لم يكن بالإمكان أفضل مما كان». ويرى هؤلاء أن أي مكاسب تحققها أي دولة عربية كانت أم أجنبية للشعب الفلسطيني تمثل انجازاً، خصوصا لمليوني فلسطيني يعيشون في القطاع ويعانون الفقر والبطالة والظلم والقهر وسوء الخدمات وتداعيات الانقسام الفلسطيني والحصار الإسرائيلي. فصائلياً، رفضت حركة «الجهاد الإسلامي في فلسطين» امس «التطبيع والصلح مع العدو الصهيوني». وقالت في بيان أمس: «إننا في الجهاد نرفض الصلح والتطبيع مع العدو الصهيوني من أي طرف عربي أو إسلامي تحت أي مبرر أو ذريعة». وأكدت أنه «بمعزل عن أي اتفاق، فإنها ترحب بأي جهود عربية أو إسلامية لتخفيف معاناة شعبنا الفلسطيني، ونتطلع إلى إنهاء الحصار عن قطاع غزة بالكامل». وطالبت العرب والمسلمين كافة بأن «يتحملوا مسؤولياتهم تجاه العدوان الصهيوني المتواصل ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا وخصوصاً المسجد الأقصى المبارك». لكن حركة «حماس» لم تعلن ترحيبها بالاتفاق أو رفضه. وكان آخر بيان أصدرته الحركة في شأن الاتفاق السبت الماضي عندما قالت فيه إن «وفداً على رأسه (رئيس المكتب السياسي للحركة) خالد مشعل وعدداً من أعضاء المكتب السياسي زاروا خلال اليومين الماضيين الجمهورية التركية». وأوضحت أن «الوفد التقى أردوغان ورئيس الوزراء الدكتور بن علي يلدريم». وأضافت أن «الزيارة جاءت في سياق التواصل والتشاور الدائمين في شأن تطورات القضية الفلسطينية وما يخدم المصلحة المشتركة، وللتهنئة بتشكيل الحكومة الجديدة». وكشفت على استحياء أن «وفد الحركة أكد للمسؤولين الأتراك مطالب شعبنا، خصوصاً رفع الحصار، متمنين أن تنجح تركيا في هذا الشأن».