يستعد المخرج اليمني حميد عقبي لإنتاج أول فيلم روائي له من المقرر أن يصور في المغرب والجزائر. وقال عقبي المقيم حالياً في فرنسا للدراسة، والذي سبق واتهم في بلده بالترويج للمثلية الجنسية إثر نشره مقالاً تناول الفيلم المصري «حين ميسرة» إن فيلمه المرتقب والذي يتوقع أن يحمل عنوان «بلال وحبيبته حورية» يتناول قصة شاب عربي يذهب إلى فرنسا بطريقة غير شرعية للقاء حبيبته والبحث عن عمل لكنه يقع في يد عصابة لترويج الحشيش. وحين يلتقي حبيبته يصطدم بوالدتها التي ترفض ان تقيم ابنتها علاقة مع عربي. موضحاً أن الفيلم يتعمق بقضايا مثل العذرية والممارسة الجنسية خارج مؤسسة الزواج، والمثلية الجنسية وما يثيره مفهوم الحلال والحرام من اضطراب داخلي للفرد. وقال عقبي في حديث مع «الحياة» أن الفيلم الذي كتب حواره وسينفذ بإنتاج فرنسي، يمازج بين اللغتين العربية والفرنسية. ويحاول الاقتراب من لغة السينما الشعرية مع مراعاة أن يكون مفهوماً من الجمهور. موضحاً أن طاقم الفيلم يتكون من ممثلين أوربيين وعرب. وتوقع أن يلقى الفيلم حين عرضه قبولاً في فرنسا والغرب «لكن ربما يمنع في بلدان عربية خصوصاً انه يتعرض لمحظورات عدة». القضايا هي المهمة وعما إذا كان تناول المحظورات كفيلاً وحده بأن يحقق نجاحاً للفيلم قال عقبي «لا نحاول إنتاج فيلم يروق للغرب أو المتفرج الغربي بل القضايا هي المهمة وطريقة تناولها». مؤكداً أن خرق المحظورات ليس غاية ولا يستهدف تحقيق مكسب مادي او معنوي «لكنها قضايا مهمة واسلوبنا ينحاز للجدل وليس للعرض الساذج»، منوهاً بأن موضوعات مثل الجنة والنار والاسئلة حولها ما زال يعد موضوعاً خطيراً حتى في الغرب. كما أن منع عرض فيلم داخل البلدان العربية لا يعني ان المشاهد العربي لن يتمكن من مشاهدته. وأفاد عقبي انه سبق وقدم أفكاراً لمؤسسات عربية لتنفيذ افلام لكنه لم يحصل قبولاً «او قل لم اجد واسطة». مؤكداً انه لا يمانع من قبول انتاج غربي. وحول ما اذا كان فيلمه المرتقب سيأتي غريباً عن البيئة العربية قال «هناك مشاهد سيتم تصويرها في بيئة عربية محضة مثل الجزائر او المغرب. وهي بيئة عربية تشبه إلى حد كبير البيئة في مصر او اليمن. كما أن القضايا التي يبحثها الفيلم مثل الهجرة الى الغرب هي هم مشترك تجده في كل قطر عربي في ظل فساد حكومي وفقر واهمال لطاقات الشباب وهناك مشاهد عديدة مثل ختان الإناث ستظهر في شكل فانتازي». مشيراً إلى ان الفيلم يعكس ايضاً جوانب من شخصيته «ثمة توثيق لبعض احلامي وكوابيسي واضطرابي وجنوني». وقال عقبي الذي يعتقد أنه تسبب في توريط وزارة الثقافة اليمنية بالإعلان عن مشروع مهرجان صنعاء السينمائي قبل ان تتراجع عنه، أن خلق سينما يمنية لا يعني ان يكون الفيلم يمنياً من خلال تصويره داخل اليمن او بتناول قضية يمنية بطريقة مباشرة. بل من طريق خلق جيل سينمائي يمني يعرف استخدام ادوات السينما. مؤكداً أن السينما فن انساني عالمي. وتابع «وهناك بعض المخرجين دفعتهم الظروف الى المهجر. وأنا اليوم في وضع لا يسمح لي بالعودة لليمن بسبب قضية تكفيري من قبل رجال دين في بلدي. ولا خيار لي». خسارة الوقت والمال ونفى أن يكون حصل على أموال من مشروع مهرجان صنعاء السينمائي الذي تقدم به الى وزارة الثقافة اليمنية. وقال «لم احصل على مليم واحد بل خسرت الكثير من الوقت والمال. ولكن المسؤولين في الثقافة خافوا من نجاح المشروع وجعلوا وزير الثقافة يرتعد خوفاً من ان يفقد منصبة وان يتم تعييني مكانه». معتبراً أن اليمن خسرت مشروعاً جيداً خصوصاً مع تفاعل مؤسسات دولية وسفارات بتقديم دعم سخي... كما نفى عقبي أن يكون سعى الى افتعال ضجة تكفيره واتهامه بالمثلية الجنسية بقصد الترويج المسبق لفيلمه المرتقب. وقال «أبداً لم أفتعلها. ولم أكن أتصور أن ادخل في مأزق كهذا. لم اتوقع حدوث ضجة وهي ليست مجرد ضجة بل كارثة وكابوساً مرعباً أعيشه أنا وعائلتي». موضحاً ان الحادثة تشي بقسوة الرقابة وعنف رجال الدين في اليمن. وحول إمكان ظهور سينما يمنية اعتبر الحكومة مسؤولة في المقام الأول. وكذا الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني. منوهاً بأن السينما فن متميز يظهر كعلامة على النضج الفكري والثقافي والحضاري والسياسي للمجتمع «وهذا للأسف لم يتوافر بعد في اليمن». وعن التجارب السينمائية التي ظهرت حتى الآن قال: «هناك رغبة من بعض الشباب في الداخل. لكنهم لا يملكون الشجاعة والبناء الأكاديمي والفني». واعتبر ميلاد كلية الفنون الجميلة في جامعة الحديدة منجزاً مهماً لكنها لا تملك إمكانات كافية». وما زالت غير معروفة على رغم افتتاحها عام 1998. وعلاقاتها مع المؤسسات التي تزعم انها مهتمة بشأن السينما ما زالت محدودة». مشيراً الى أن بعض الفعاليات مثل مهرجان الفيلم الاوروبي كان يفترض ان تقام في الحديدة بدلاً من صنعاء. ويتذكر عقبي شغفه بالمسرح مُذ كان طفلاً. وقال «كنت اميل للمسرح منذ الصغر بعدها سافرت الى بغداد لدراسة الإخراج في كلية الفنون. وهناك تشكلت شخصيتي الفنية بشكل جيد وبعد عودتي ساهمت في تأسيس كلية الفنون. ثم سافرت الى فرنسا وهنا كان الميلاد الحقيقي. حيث اخرجت وانتجت فيلم «ستيل لايف» ومدته 20 دقيقة عن قصيدة للشاعر سعدي يوسف ثم فيلم «الرتاج المبهور» عن قصيدة الشاعر عبدالعزيز البابطين. ويعتبر عقبي نفسه احد ثلاثة مخرجين يمنيين برزوا خارج اليمن الى جانب بدر الحرسي وخديجة السلامي. متهماً المخرجين اليمنيين العاملين في الداخل بأن لا هم لهم سوى الأعمال التلفزيونية «لا يفكرون بالسينما». وتابع «اطمح ان استكمل بناء نفسي فناناً سينمائياً في ظل بيئة ومناخ مناسبين. هنا في فرنسا بمقدوري أن اخرج فيلماً طويلاً او اكثر. وحلمي ان اعود إلى اليمن. لكن العودة الآن مجازفة خطرة ففتاوى التكفير سارية المفعول»، مشيراً إلى أنه طلب من السلطات الفرنسية رسمياً توفير الحماية له ولأسرته. ويحضر عقبي حالياً لنيل درجة الدكتوراه وتدور رسالته حول السينما الشعرية.