كثّفت الكتل السياسية في العراق مفاوضاتها بالتزامن مع تأجيل جلسة البرلمان التي كانت مقررة اليوم (الأربعاء) لتدخل سباقاً مع الوقت لحسم موضوع تشكيل الحكومة الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري. لكن رئيس السن في البرلمان فؤاد معصوم اعتبر في تصريحات أمس أن قرار التأجيل غير دستوري، فيما راسل الرئيس العراقي جلال طالباني المحكمة الاتحادية لاستبيان رأيها في شرعية صلاحيات هيئة الرئاسة في ضوء تأجيل جلسة البرلمان. وأكدت مصادر مطلعة أن هناك مساعي جديدة تبذلها أطراف داخلية وخارجية لتقريب وجهات النظر بين طرفي «التحالف الوطني»، والاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الوزراء. وكانت القوى السياسية الأربع الفائزة في الانتخابات أرجأت يوم الاثنين الماضي عقد الجلسة الثانية للبرلمان الجديد المقررة دستورياًً لاختيار رئيسين للبرلمان والجمهورية لأسبوعين من أجل إتاحة الوقت للتوافق على الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان) في إطار صفقة واحدة. وقال القيادي في «الائتلاف الوطني» محمد مهدي البياتي ل«الحياة» إن «التحالف الوطني» (يضم ائتلافي الوطني ودولة القانون) يبحث مجدداً عن آلية جديدة لاختيار رئيس الوزراء باعتباره الكتلة الأكبر المكلفة هذا الأمر، لكننا نعتقد بأن فترة الأسبوعين غير كافية ونحتاج إلى مزيد من الوقت». ولفت البياتي إلى أن «كتلته تبحث عن الفرصة الأخيرة لإنجاح التحالف الوطني على رغم قناعتها بصعوبة الموقف». وكان ائتلافا دولة القانون والوطن أعلنا في العاشر من حزيران (يوينو) الماضي اندماجهما رسمياً تحت اسم «التحالف الوطني»، في مسعى إلى تشكيل الكتلة النيابية الأكبر داخل البرلمان. وأوضح القيادي في ائتلاف «دولة القانون» علي الأديب في تصريح إلى «الحياة» أن «كتلته متفائلة بإمكان الاتفاق على مرشحي الرئاسات الثلاث خلال أسبوعين». واعتبر أن «تأجيل جلسة البرلمان أمر لا بد منه لأن مهمة ترشيح الرؤساء ليست سهلة، لكن الكتل الآن تحت ضغط الوقت، وهي تكثف محادثاتها وستقدم تنازلات». وأكد الأديب أن كتلته أقرب الآن إلى «الائتلاف الوطني»، وتسعى الى تنضيج «التحالف الوطني» «وستستمر في الحوار معه حتى الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الوزراء، وسنبذل جهوداً لتغير آلية انتخاب المرشح، ونسعى الى اعتماد طريقة التصويت بالغالبية البسيطة». لكن الأديب رفض الحديث عن إمكان سحب ترشيح زعيم «دولة القانون» ورئيس الوزراء نوري المالكي لولاية ثانية، الأمر الذي رفضته أطراف «الائتلاف الوطني» في شكل رسمي. وتابع: «في الوقت ذاته، فإن اللقاءات مستمرة مع القائمة العراقية باعتبارها شريكاً في العملية السياسية ومعنية بتشكيل الحكومة». ومن المتوقع أن يقوم رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني بزيارة إلى بغداد خلال الأيام المقبلة، وهو ما اعتبره مراقبون مهمة الفرصة الأخيرة لإحياء التحالف الشيعي المنقسم. إلى ذلك، اعتبرت «القائمة العراقية» بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي «مطالب بعض الجهات بإعادة تنظيم الانتخابات التشريعية وإلغاء النتائج التي أفرزتها في السابع من آذار (مارس) الماضي انقلاباً على الديموقراطية والدستور العراقي». وحذرت في الوقت ذاته من «سعي قوى سياسية إلى الاحتفاظ بالسلطة وإعادة النظام الديكتاتوري إلى البلاد». وقال مستشار «القائمة العراقية» هاني عاشور في بيان تلقت «الحياة» نسخة منه أمس إن «ما تناقلته وسائل إعلامية عن وجود طلب من رئيس الجمهورية للمحكمة الاتحادية للنظر في إمكانية إعادة الانتخابات، يمثل انقلاباً فعلياً على الديموقراطية والدستور»، معتبراً أن «هذا الأمر يعني منع التداول السلمي للسلطة في البلاد، ودخول العراق في نفق مظلم». وكانت وسائل إعلام محلية تحدثت عن طلب رئيس الجمهورية جلال طالباني من المحكمة الاتحادية العليا الإجابة في شأن إمكانية توفر الشرعية لإعادة الانتخابات التشريعية في ظل دخول البلاد فراغ دستوري». وعلق عاشور أن «كتلاً سياسية تتحرك حالياً نحو التمسك بالسلطة، وعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات من خلال طرح مرشحي تسوية لمنصب رئيس الوزراء أو حرمان الكتل الفائزة في الانتخابات من تشكيل الحكومة». ودعا في الوقت ذاته إلى «تشكيل الحكومة وفقاً للاستحقاق الانتخابي بعد الفشل في تكوين التحالفات بين الكتل السياسية». لكن مكتب رئيس الجمهورية نفى في اتصال مع «الحياة» أمس طلب الرئيس جلال طالباني من المحكمة الاتحادية النظر في إعادة الانتخابات. وأكد أن الرئيس أرسل إلى المحكمة الاتحادية رسالة مفادها «أنه بسبب تمديد الجلسة المفتوحة، ما هي شرعية صلاحيات مجلس الرئاسة الآن». وينص الدستور العراقي على أن رئيس الجمهورية يدعو البرلمان للانعقاد خلال 15 يوماً من مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، ويختار البرلمان الجديد في جلسته الأولى رئيساً له ونائبين للرئيس على أن يتم انتخاب رئيس جديد للبلاد خلال شهر من انعقاد البرلمان.