صرف الرئيس باراك أوباما، في قمة العشرين، وقتاً ثميناً لمقابلة رؤساء آسيويين. وفي اختتام الشهر المنصرم، سعى أوباما في إحراز تقدم فعلي في التعاون مع الدول الآسيوية، وتعهد تحريك الإدارة الأميركية عجلة التصديق على معاهدة التجارة الحرة مع كوريا الجنوبية. والمعاهدة هذه، إذا أُقرت، هي الأبرز منذ إبرام اتفاق التجارة الحرة مع دول شمال أميركا. وسبق أن تراجع أوباما عن مثل هذه الخطوات. واجتمع الرئيس أوباما، في تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم، مع 10 قادة في منظمة «آسيان»، وهذه خطوة لم يقدم رئيس أميركي من قبل على مثلها. وأطلق البيت الأبيض مشروع «شراكة شاملة» مع إندونيسيا. وفي مطلع ولايته، حظي أوباما بتأييد كبير في آسيا. وبعد أكثر من عام على بلوغه السلطة، تردّت شعبيته في إندونيسيا والصين والهند وغيرها من الدول الآسيوية، جزاء انشغاله عن آسيا بملف الشرق الأوسط والحرب بأفغانستان والتوتر السياسي الداخلي. وهو لا يبدو أنه يولي الحكومة اليابانية الجديدة الثقة. ويتردد في توثيق العلاقات بالهند. ويبدو أن الرئيس الأميركي لم يتوقع الاضطرار الى التوفيق بين تحديات داخلية وزياراته الخارجية. وعلى رغم استضافته رئيس الوزراء الهندي أصدر أوباما بياناً يدعو الصين والولاياتالمتحدة الى التعاون لإرساء السلام في جنوب آسيا. ورأت الهند أن البيان يدعو بكين الى التدخل في الشؤون الهندية – الباكستانية. وباعدت السياسة الأميركية في باكستان وأفغانستان بين نيودلهي وواشنطن. وسياسة أوباما الرخوة إزاء الصين ورفضه لقاء الدالاي لاما عند زيارته واشنطن، وتغاضيه عن قضايا حقوق الإنسان في الصين حمل لي كوان يو، رئيس سنغافورة السابق، على تنبيه أوباما: «لا تستطيع الولاياتالمتحدة أن تكون قائدة العالم، إذا لم تحافظ على مكانتها في المحيط الهادئ». وتولي الدول الآسيوية الناشئة، اتفاقات رفع القيود عن التجارة الأولوية وتجعلها في مصاف التعاون الأمني. والصين أبرمت اتفاقات تجارة حرة مع 10 من دول منظمة «آسيان»، وكوريا الجنوبية مع الاتحاد الأوروبي، والهند مع «آسيان». ولا يستسيغ أوباما عقد اتفاقات تجارة حرة مع دول آسيوية، في وقت لم يستعد الاقتصاد الأميركي عافيته بَعد. والبيت الأبيض لم يهمل باكستان وأفغانستان، وعزز العلاقات بماليزيا. ونجح مساعد وزيرة الخارجية، كورت كامبل، في إدارة أزمة تايلندا. ومع ترجيح الأزمة الاقتصادية العالمية كفة الصين، بدأت بكين تتحدى الهيمنة العسكرية الأميركية في المحيط الهادئ، وطالبت بالسيطرة على أجزاء أكبر من المحيط، واستمالت دولاً آسيوية من طريق مساعدات مالية سخية. وحذر سياسي ياباني واشنطن من أن سياساتها المتعجرفة تحمل بلاده على التقرب من الصين. * عن «نيوزويك» الأميركية، 12/7/2010، إعداد منال نحاس