اتهم تقرير ل «هيئة الرقابة والتحقيق» السعودية ثماني جهات حكومية بتأخير معاملات المواطنين. وهذه الجهات هي وزارات الثقافة والإعلام، الشؤون البلدية والقروية، التعليم العالي، التربية والتعليم، الداخلية، المياه والكهرباء، الزراعة، والمؤسسة العامة للبريد السعودي. هذه الجهات، وبحسب تقرير الهيئة «لم تتقيد بدورها الإشرافي والحرص على إنهاء المعاملات من دون تأخير». الخبر نشر في صحيفة «عكاظ»، ولم يتضمن المعايير التي على أساسها صنِّفت هذه المؤسسات الحكومية بأنها لا تؤدي عملها على النحو المطلوب. هذا الخبر ليس جديداً، وسبق ل «الهيئة العامة للاستثمار» قبل أربع سنوات أن تنبأت بالدور السلبي للبيروقراطية الحكومية، وخطورتها على التنمية. وأصدرت هذه الهيئة قائمة تخصها، يقول بعض من اطلع عليها إنها شملت كل الوزارات والمصالح الحكومية. وبعد صدور تلك القائمة قررت «الهيئة العامة للاستثمار» إيجاد إدارات بديلة، لئلا أقول حكومة بديلة، فهيّأت قاعة كبيرة لما يسمى «المستثمر الأجنبي»، وطلبت من كل الجهات الحكومية إرسال مندوب مخول يتولى خدمة الأجانب، وإعطاءهم الرخص والتأشيرات، وكل ما تتطلبه مزاولة التجارة والعمل في البلد، وكل ذلك خلال ساعة واحدة. واليوم أصبح أي عامل أجنبي يملك خمسين ألف ريال قادراً على «الاستثمار الأجنبي»، وبهذا الإجراء الشجاع استطاعت هيئة الاستثمار القفز على الحكومة البيروقراطية، وشرعنت التستر، فأصبح التستر استثماراً أجنبياً، وحلّت مشاكل الأجانب، وفتحت لهم البلد من دون بيروقراطية، ومن دون مشاكل، حتى أصبحت السعودية بفضل هذه الفهلوة دولة تنافسية عظيمة. لا شك في أن البيروقراطية مرض عضال في جهاز الإدارة الحكومية في كل البلاد العربية، والحل لمواجهة هذه البيروقراطية ليس في إطلاق الاتهامات وإنما في إيجاد حلول عملية على طريقة هيئة الاستثمار. من ذلك مثلاً إنشاء لجان في الغرف التجارية تحت اسم «لجنة الاستثمار الوطني»، وإدارتها على طريقة الهيئة العامة للاستثمار، ولكن لخدمة المواطن الراغب في فتح ورشة أو دكان، أو إقامة «بسطة» لبيع الخضار. وبهذا الأسلوب نستطيع أن نحمي مصالح المواطن، ونساعد الشباب السعودي على تخطي مشاكل البيروقراطية، وكثرة الأوراق، ونقطع الطريق على الهيئة العامة للاستثمار قبل أن تتمكن من تحويل المواطنين الى عمال لدى الأجانب، وبيع البلد للّحام، والدهان، والسباك، والحداد، والإسكافي، وعوير وزوير.