ما التحديات التي تواجه الإعلام العربي، إقليمياً ودولياً، في ظل السماوات المفتوحة والثورة التكنولوجية والاتصالية التي تُغرق الجمهور العربي بفيض إعلامي متعدد الأبعاد والأوجه؟ هذا هو السؤال الأبرز الذي تمحور حوله الملتقى الثاني لقادة الإعلام العربي الذي عقد أخيراً في مكتبة الإسكندرية، بحضور حشد من الوجوه الإعلامية العربية. وسلط الأمين العام لهيئة «الملتقى الإعلامي العربي» ماضي الخميس الضوء على ثلاثة محاور أساسية للملتقى: الأول، دور الإعلام في دعم العلاقات العربية، الثاني، اقتصاديات الإعلام وأبرز العوائق التي تواجه المستثمرين في هذا المجال وأثر الأزمة الاقتصادية على وسائل الإعلام، والثالث، يتناول العلاقة بين الإعلام والسلطة. ولفت وزير الإعلام الأردني السابق صالح القلاب، خلال المحور الأول، إلى أن «البعض يحمّل الإعلام مسؤولية توتير العلاقات العربية البينية، فيما يشير آخرون إلى أن العلاقات العربية تقيّد الإعلام وتحد من حريته». واعتبر نبيل الحمر، المستشار الإعلامي لملك البحرين، ان «العالم العربي يمتاز بالحساسية في علاقاته البينية، إذ إن الصحافة مستغلة من قبل السلطة في غالبية الدول العربية إن لم يكن كلها، ما يؤدي بها إلى توجيه الصحافة والإعلام إلى نشر رسائل تتوافق مع سياسة السلطة الحاكمة، وهذا ما يؤدي أحياناً إلى الإساءة للعلاقات بين الدول العربية». وأوضحت سميرة المسالمة، رئيسة تحرير صحيفة «تشرين» السورية، أن مسؤولية توتير العلاقات العربية البينية تقع على عاتق الأنظمة والإعلام بالتساوي، «فالإعلامي الذي ينجذب إلى السلطة يصبح مرتهناً بعلاقة تلك السلطة مع الدول الأخرى». وأشار فيصل مكرم، رئيس تحرير صحيفة «الغد» اليمنية، إلى أن «الإعلام العربي ما زال مقيداً في إطار السياسة القطرية لكل دولة، كما أنه لم يستطع تأدية رسالته في الفضاء المفتوح للإعلام». وألمح إلى أن «التأطير القانوني للإعلام في العالم العربي مقيد للحرية ولا يخدم تعاطيه مع العلاقات العربية، اذ إن التشريعات في هذا المجال عادة ما تكون قاسية، ومخيفة، ومخجلة». واعتبر صلاح سلام، رئيس تحرير صحيفة «اللواء» اللبنانية، ان «من الظلم تحميل الإعلام مسؤولية العلاقات العربية، لأنه مرآة المجتمع»، مضيفاً أن «المواقف السياسية هي التي تخرب العلاقات بين الدول العربية أو تحسنها، وبالتالي فإن العلاقات العربية تشكل عبئاً على الإعلام». وأوضح أمين بسيوني، رئيس اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، أن «هناك متغيرات عدة في الإعلام اليوم أحدثتها ثورة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وخصوصاً مع ظهور وسائل الإعلام الإلكترونية». وانتقد «سلوكيات» بعض القنوات الفضائية العربية واعتمادها على الإثارة في محتواها، «ما يشكل عبئاً على العلاقات السياسية العربية». وفي هذا الإطار، اقترح التونسي أبو بكر الصغير، رئيس تحرير صحيفة «الملاحظ»، تأسيس مرصد يعد في مرحلته الأولى تقريراً سنوياً يرصد فيه حالة الإعلام العربي. وقالت الكاتبة الصحافية البحرينية لميس ضيف انه «لا يمكن لوسائل الإعلام المطالبة بالحرية في تناول العلاقات العربية من دون توافر الحرية في الداخل أولاً، لأن هذا يفقد تلك الوسائل صدقيتها». وأوصت ضيف بأن يكون وزراء الإعلام العرب من الإعلاميين. واعتبر عبدالله كمال رئيس تحرير «روز اليوسف» المصرية، أن «إشكالية حرية الإعلام لا تتلخص في مقدار ما تتيحه السلطة من مساحة لوسائل الإعلام فحسب، وإنما أيضاً ما يتيحه المجتمع الذي يحد من حرية الإعلام في الكثير من الأحيان». وفي محور «اقتصاديات الإعلام»، اعتبر الحمر أن الاقتصاد محوري في مجال الإعلام، متطرقاً إلى الأزمات المالية التي تواجه وسائل الإعلام العربية حالياً، ولافتاً إلى وجود استثمارات ناجحة في مجال الإعلام العربي، مثل نموذج صحيفة «المصري اليوم» وقناة «المحور» الفضائية، كما توجد إخفاقات كثيرة أيضاً. أوضح صلاح دياب، رئيس مجلس إدارة «المصري اليوم»، أن الاستثمار في الإعلام «لا يمكن أن يقوم على الربح فحسب، وإنما يتعين أن تكون هناك رسالة من وراء إنشاء وسائل إعلامية». وأضاف أن «الحديث عن عدم وجود استقلالية للإعلام يؤدي إلى الشعور بالإحباط، ذلك ان هناك وسائل تعمل على تحقيق أكبر قدر من الاستقلالية». وأكد أن «القارئ هو الذي يوجه الصحف، وليست السلطة أو غيرها، فالقارئ هو المالك الحقيقي للصحف، وهو الذي يفرض التغيير، كما أن أرقام التوزيع هي التي تحدد مسار الصحف».