يفتتح مهرجان الجم الدولي للموسيقى السيمفونية اليوم محتفياً بيوبيله الفضي هذه السنة. ويؤكد مبروك العيوني مدير المهرجان ل «الحياة» أن «مجرد استمرار المهرجان وتواصله إلى اليوم هو في حدّ ذاته تحدِّ ونجاح، إذ ليس من السهل أن يصمد مهرجان متخصص في شكل موسيقي غريب نوعاً ما عن المتلقّي التونسي». ويضيف: «تمكن المهرجان أن يصبح موعداً سنويّاً ينتظره الكثيرون في تونس وخارجها وهو يطفئ هذه السنة شمعته الخامسة والعشرين». ويتذكر العيوني أوّل دورة من المهرجان، فيقول: «التأمت أول دورة عام 1986 وتضمّن البرنامج سهرتين الأولى للأوركسترا السمفونية التونسية بقيادة المايسترو أحمد عاشور الذي لم يتغيّب عن أي دورة منذ تأسيس المهرجان ويعتبر أحد العناصر الأساسية للتظاهرة. أما العرض الثاني فكان لفرقة موسيقى الغرفة بفيينا وحمل المهرجان في دورته الأولى شعار «موزار في الجم». وتكرر هذا العنوان عام 2006 احتفاء بمرور 250 سنة على ولادة هذا الفنان العالمي». ولا يخفي العيوني أنّ الدورة الأولى لم تخلُ من مفاجآت حيث أقبل الناس على المسرح الروماني من باب الفضول من دون معرفة كبيرة بما سيُعرض». ولعلّ ما يُحسب لهذه التظاهرة الدولية أنها ساهمت في خلق تقاليد موسيقية كلاسيكية لدى عدد غير قليل من التونسيين الذين باتوا ينتظرون موعده كلّ سنة. ويُذكر أنّ المهرجان بات منذ 12 سنة يخصص سهرة الافتتاح للمساهمة في دعم الصندوق الوطني للتضامن 26/26، إذ تخصص عائدات سهرة «الأوركسترا السيمفونية في فيينا» لفائدة الصندوق. ولن يحيد المهرجان في دورته الحالية عن هذا التوجّه حيث سيكون الافتتاح مع عرض للأوركسترا نفسها بمشاركة عازفة الكمان التونسية ياسمين عزيز. وفي البرنامج عدد من العروض من مختلف أنحاء العالم. ففي 17 تموز (يوليو) سيكون الجمهور التونسي على موعد مع عرض «أي موزتشي» من ايطاليا. وتقدم مجموعة «غرافيتي كلاسيك» الإنكليزية عرضاً مشتركاً مع الأوركسترا السيمفونية التونسية بقيادة سام سليمان ليلة 22 تموز. وفي البرنامج أيضاً عرض للأوركسترا السمفونية الوطنية الجزائرية، وآخر لأوركسترا الأوبرا في مدينة طولون الفرنسية. وتكريماً لأشهر سيدات البلوز والغوسبال يستقبل المسرح الروماني في الجم مساء 5 آب (أغسطس) المقبل حفلة «ثري لايدزاوف بلوز» بمشاركة ثلاثة من أشهر الأسماء النسائية في تاريخ موسيقى البلوز وهن جوان فولكنر وهارييت لويس وجوان بال. فيما يكون الاختتام في السابع من الشهر نفسه مع عازفي مسرح كارلو بنابولي الإيطالية. ويستقطب المهرجان آلاف السياح والتونسيين الذين يتوافدون كل صيف الى المسرح الروماني (رابع أكبر المسارح الرومانية في العالم) لمتابعة العروض الموسيقية المبرمجة. ويوفر المهرجان رحلات منظمة من طريق القطارات من العاصمة ومن مدن أخرى قصد تيسير الوصول إلى مدينة الجم التي تبعد حوالى 205 كلم جنوب العاصمة التونسية. ويستثمر قصر الجم الروماني لأغراض ثقافية وسياحيّة، ويعدّ من أول التجارب الناجحة في تطبيق سياسة الاستثمار الثقافي للمعالم الأثرية والحديث عن السياحة الثقافية، حيث يحتضن منذ عام 1986 فعاليات مهرجان الجم الدولي للموسيقى السيمفونية الذي أسسه محمد الناصر الذي كان يشغل وقتها رئاسة بلدية الجم. ومنذ ذلك الحين والمهرجان يعتبر أحد أهم المهرجانات التي تُعنى بالموسيقى الكلاسيكية في العالم حيث تؤمّ إليه الوفود السياحية من كلّ أنحاء المعمورة لتواكب فعالياته، وهو أول مهرجان متخصص في تونس.