تعرضت أحياء حلب أمس لغارات سورية بعد ساعات من إعلان موسكو هدنة موقتة ورغبتها بالوصول إلى وقف دائم للنار في هذه المدينة، في وقت أكد المدير العام ل «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية» (سي آي أي) جون برينان أن غارات روسية وسورية استهدفت المعارضة، لافتاً إلى أن «داعش» قادر على «شن هجمات إرهابية» حول العالم على رغم جهود التحالف الدولي بقيادة أميركا. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن القوات النظامية السورية شنت أمس غارات على أحياء عدة في حلب بعد تهدئة استمرت لساعات، لافتاً إلى أن القصف طاول أحياء عدة بينها قاضي عسكر والسكري وباب النيرب تحت سيطرة الفصائل المعارضة. وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت دخول نظام تهدئة حيز التنفيذ في حلب لمدة 48 ساعة اعتباراً من ليل الأربعاء - الخميس «بهدف خفض مستوى العنف المسلح وتهدئة الوضع» من دون تحديد الجهة التي ناقشت معها موسكو القرار. وأعرب مصدر سوري قريب من النظام عن استياء من «الهدنة الروسية». وقال: «الأمر ذاته يتكرر، ففي كل مرة يتقدم فيها الجيش شمال مدينة حلب ويقترب من تطويق المدينة، تتدخل روسيا لإقرار وقف لإطلاق النار بالتوافق مع الأميركيين»، مضيفاً: «من الواضح أن موسكو لا تريد لنا أن نستعيد حلب» التي تتقاسم القوات النظامية والمعارضة السيطرة عليها. وجاء الإعلان الروسي عن تطبيق الهدنة الجديدة بعد ساعات من تحذير وزير الخارجية الأميركي جون كيري من مغبة عدم احترام وقف الأعمال القتالية وتأكيده أنه «على روسيا أن تفهم أن صبرنا ليس بلا حدود»، فيما نقلت وسائل إعلام روسية عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف رغبة بلاده بوقف دائم للنار في حلب. وتوقع محللون ألا تصمد الهدنة الموقتة أكثر من سابقاتها، وبالتالي الدخول مجدداً في دوامة العنف، في غياب أي جهد حقيقي لإعادة إطلاق مفاوضات السلام المجمدة في الوقت الراهن. وأقر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على هامش منتدى روسيا الاقتصادي في سان بطرسبرغ الخميس بأنه «لا تقدم في العملية السياسية... ولم تتسن إعادة إطلاق الحوار السياسي بين جميع الأطراف». وحمّل الأميركيين مسؤولية عرقلة الحوار السياسي، معتبراً أن واشنطن «لا تتمكن أو لا تريد الضغط على حلفائها في المنطقة». وانعكس جمود مفاوضات جنيف والتصعيد العسكري الميداني سلباً على إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة قبل أن تعلن الأممالمتحدة قبل أسبوع تبلغها من الحكومة السورية موافقتها على السماح بإدخال مساعدات إلى معظم ال 17 منطقة المحاصرة كافة. وأعلنت الأممالمتحدة أمس أن دمشق سمحت بنقل مساعدات إنسانية إلى حي الوعر المحاصر في حمص في وسط سورية. في واشنطن، أقر المدير العام ل «سي أي أي» أمام لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي: «نعم. الروس والسوريون كانوا يسعون وراء تنظيم داعش وجبهة النصرة، لكن عدداً كبيراً من غاراتهم الجوية كانت موجهة ضد ما نعتبرها المعارضة السورية الشرعية التي تحاول إنقاذ بلادها من بشار الأسد». وأضاف: «للأسف وعلى رغم كل التقدم الذي أحرزناه (في التحالف الدولي) ضد تنظيم داعش في ميدان المعركة وفي المجال المالي، لم تؤد جهودنا إلى الحد من قدراته على شن هجمات إرهابية في العالم». وأضاف: «مع تزايد الضغط» على التنظيم ميدانياً في العراق وسورية «نعتقد أنه سيكثف حملته العالمية» كي يبقى أقوى منظمة إرهابية. وتابع: «نعتقد أن التنظيم يدرب منفذين محتملين لاعتداءات «ويحاول نشرهم لشن هجمات جديدة» بعدما قال إن «عدداً متزايداً من عناصر داعش لم يعد لديه أوهام، وأن التنظيم يواجه صعوبات أكثر في استقدام عناصر جدد إلى صفوفه». إلى ذلك، قالت وسائل إعلام رسمية إن المعارضين استخدموا «مواد سامة» ضد القوات النظامية شرق دمشق. لكن الناطق باسم «جيش الإسلام» المعارض قال إن الحكومة «تكذب». وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في اجتماع ثنائي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في سانت بطرسبورغ أمس ضرورة التقيد بالمهلة المحددة للتوصل الى اتفاق سياسي بحلول آب (أغسطس) المقبل، وفق بيان صدر عن مكتب بان بعد الاجتماع. وأضاف البيان أن بان ولافروف «تبادلا وجهات النظر حول الوضع في سورية»، وأن الأمين العام للأمم المتحدة شدد «على أن الأسابيع المقبلة أساسية لتقدم العملية السياسية على أساس التصور الذي طرحه المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا، وخصوصاً بالنسبة الى ضرورة التقيد بموعد التوصل الى اتفاق سياسي في آب المقبل الذي حددته روسيا والولايات المتحدة كرئيستين لمجموعة الدعم الدولية لسورية". وأشار البيان الى أن بان ولافروف اتفقا على «أهمية تحسين الظروف المواكبة للمحادثات من خلال معالجة الوضع الميداني في شكل عاجل". وكان مقرراً أمس أن يبحث مجلس الأمن الوضع الإنساني في جلسة مغلقة دعت إليها بريطانيا، للاستماع الى تقويم الأممالمتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية الى المناطق المحاصرة والخطط التي أعدتها الأممالمتحدة لإيصال المساعدات عبر الجو. وقال ديبلوماسيون في مجلس الأمن إن هدف الاجتماع هو «متابعة مدى تقيد النظام السوري بخطة إيصال المساعدات للشهر الحالي بعدما كان أبلغ الأممالمتحدة موافقته على إدخال المساعدات براً إلى معظم المناطق المحاصرة». وأوضحت مصادر في المجلس أن بريطانيا «تريد من الاجتماع توجيه رسالة الى النظام السوري بأنها ستواصل الضغط والمتابعة للتأكد من تقيد النظام السوري بتعهداته الأخيرة، لأنه أثبت أنه لا يتحرك إلا تحت الضغط المباشر في مسألة السماح للمساعدات الإنسانية بالدخول الى المناطق التي يحاصرها».