أيقظت سلسلة التفجيرات التي استهدفت مواكب الزوار الشيعة، وخلفت عشرات القتلى والجرحى، المخاوف من عودة العنف الطائفي إلى العراق، قبل أقل من شهرين من انسحاب القوات الأميركية المقاتلة. وفيما استمر الغموض يلف المشهد السياسي، وراوحت مفاوضات تشكيل الحكومة مكانها، اعتبر نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ما يجري في العراق «تكالباً للسيطرة على مقدرات الدولة وتسخيرها بعيداً عن مصلحة البلد». وحذر وزير الخارجية هوشيار زيباري من عواقب وخيمة إذا لم تشكل الحكومة قريباً، مؤكداً أن الأكراد متمسكون بمرشحهم (جلال طالباني) لرئاسة الجمهورية، وقال إن البرلمان سيعقد جلسة في 13 تموز (يوليو الجاري) لانتخاب الرؤساء الثلاثة. وعلى رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي أعلنت في بغداد خلال الأيام الماضية بالتزامن مع إحياء ذكرى وفاة الإمام الكاظم، خلفت سلسلة التفجيرات التي استهدفت مواكب الزوار أكثر من 70 قتيلاً و370 جريحاً. وقال النائب عن «التحالف الكردستاني»، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان السابق عادل برواري ل «الحياة» إن «الإخفاقات الأمنية المتكررة سببها ضعف الجانب الاستخباري والخلافات بين الكتل السياسية التي تنعكس سلباً على الوضع الأمني». وأضاف إن «خلافات بين وزارتي الدفاع والداخلية ولجنة الأمن والدفاع في البرلمان السابق على نوعية تسليح القوات الأمنية، كان السبب في عرقلة بناء الأجهزة وتجهيزها بالأسلحة التي تمكنها من إعادة الاستقرار». وجاءت الهجمات على الزوار الشيعة قبل 50 يوماً من إكمال القوات الأميركية المقاتلة انسحابها وبعد تأكيد قائد الجيش الأميركي راي أوديرنو أن الانسحاب سيتم في موعده، سواء تم تشكيل الحكومة العراقية أو استمرت حالة الفراغ السياسي. واعتبر نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الهجمات، محاولة جديدة لزرع الفتنة بين أبناء الشعب العراقي، وأكد أن «بيانات الاستنكار أو الشجب أو الإدانة لم تعد تجدي. ولا بد من وضع حد لهذا الإرهاب من خلال إصلاح الخطط الأمنية، وتحصين الجبهة الداخلية، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وتحجيم دعاة التطرف وتجفيف بؤر الفتنة والتعصب». وعرضت «القائمة العراقية»، على ما أعلنت مصادرها، أن القائمة تدعم مرشحي «الائتلاف الوطني» و «دولة القانون» و «التحالف الكردستاني» الى منصبي رئيسي البرلمان والجمهورية في جلسة البرلمان التي أكد زيباري أنها ستكون في 13 تموز (يوليو) الجاري. وأضاف، في اختتام اجتماع حضره طالباني ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في اربيل إن «المرحلة حساسة ومهمة جداً والعواقب ستكون وخيمة جداً على الكل. هناك احساس بعامل الوقت للاتفاق على الأساسيات أما التفاصيل فاعتقد انها ستأتي لاحقاً. وهناك اجتماع مهم جداً في 13 تموز للبرلمان، ويفترض، بحسب الدستور، انتخاب رؤساء للبرلمان والجمهورية والوزراء. هناك طروحات في هذا الموضوع لنتفادى فراغاً دستورياً». وتابع: «لذا، اتخذنا قرارات مهمة تتعلق بتحالفاتنا مستقبلاً، وباستراتيجيتنا للفترة المقبلة ومشاركة ممثلي إقليم كردستان أو الكتل الكردستانية في الحكومة». واكد أن «المبدأ هو المشاركة. لكن ليس على حساب منصب رئاسة الجمهورية ومرشح الائتلاف الكردستاني (...) نعتقد أن الكتل التي حققت النتائج في الانتخابات يجب أن تتمثل في حكومة شراكة وطنية» الى ذلك، قال زيباري حول زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن: «طرحت خلالها أفكار وكان استمزاج للآراء. هناك احساس أميركي بضرورة تسريع خطوات تشكيل الحكومة من منطلق عدم حدوث فراغ أمني ودستوري، خصوصاً مع انتهاء سحب القوات المقاتلة» في 31 آب (أغسطس) المقبل. يذكر أن علاوي أجرى محادثات مع بارزاني الأربعاء حول تشكيل الحكومة كما أجرى بايدن اتصالاً بالزعيم الكردي مساء أول من أمس أيضاً. وقالت مصادر كتلة علاوي انها حصلت على تنازلات من قائمة المالكي «دولة القانون»، لكن الأخيرة نفت ذلك، وقال القيادي في القائمة عبد الهادي الحساني أنها متمسكة بمنصب رئاسة الحكومة وبالتحالف مع شركائها و «التحالف الوطني». وقال عبد المهدي ل «الحياة» إن «المشكلة في تأخير تشكيل الحكومة ليست في العهود والأوراق والعقود، بل في هل ننتقل الى العمل المؤسساتي أم نبقى في إطار تفسير الفرد؟ إذا كانت هناك مؤسسات فهي الضمانة لمنع الديكتاتورية». واعتبر ما يجري اليوم «تكالباً على الدولة للسيطرة على مقوماتها واستغلالها بعيداً وتكريسها لخدمة الذات وهذا الفهم معاكس للمفاهيم الديموقراطية». ووصف عبد المهدي زيارته الأخيرة للقاهرة ب «الناجحة جداً» وانه وجد «انعطافة في مواقف القيادة المصرية تجاه العراق».