لا أحد ينكر أن للبطالة أخطاراً تدعو لإيجاد حلول منطقية والابتعاد عن أسلوب التنظير والتوجه مباشرة إلى معطيات الحل من أقصر الطرق، وأولها معرفة حجم البطالة بكل شفافية، ومعرفة حجم العمالة الوافدة التي كانت في وقت سابق ضرورة ملحة ولا يزال بعضهم وليس كلهم، بعد ذلك النظر في القرارات المتخذة لمعالجة البطالة ومدى ملاءمتها وإمكان تطبيقها وهذه هي المعطيات التي يجب التعامل معها قبل التوجه إلى المعالجة. ندرك أن هناك قطاعين في داخلها العمالة المسببة للبطالة، كما في داخلها الحل الأمثل لمعالجة البطالة، القطاع الأول القطاع العام، والثاني القطاع الخاص، فإذا كان الحل داخل هذين القطاعين وهو المؤكد فكيف نستطيع حل الطلاسم التي وقفت أمام الحلول التي طرحت من البداية ولم تأتِ بما كنا نتمناه، وقبل التوجه إلى هذين القطاعين يجب ألا يفهم أنني أرغب في قطع عيش أحد، أو فتح أبواب على المسؤولين في القطاع العام والضغط على أرباب العمل في القطاع الخاص، وإنما طرح ما أراه يسهم في حل مشكلة البطالة التي لا أرى أن الحلول المطروحة ستأتي بالحل الآن المطروح هو «السعودة» في القطاعين. من هذا المنطلق سأتوجه إلى القطاع العام لإيضاح الأساليب المستخدمة التي عطلت «السعودة» في القطاع العام، فالتعليمات الصادرة من ديوان الخدمة المدنية تؤكد على عدم التجديد لأي عمالة وافدة إلا بعد الإعلان عن الوظيفة التي كان يشغلها الوافد لشغلها بعمالة سعودية، فإذا لم يتقدم أي سعودي تتخذ الإجراءات للتجديد للعمالة الوافدة، التعليمات هنا واضحة والخطوات التي يجب اتخاذها أكثر وضوحاً ومع كل هذا الوضوح أجد أن الإجراءات المتخذة في هذا الصدد وإن كانت مناسبة ومتفقة مع التعليمات لن تخدم «السعودة»، ولهذا سنأخذ إحدى الوظائف المعلن عنها، هناك وظائف في القطاع العام راتبها يبدأ ب «700 ريال» تشغلها عمالة وافده لعدد من السنين بلغت رواتبهم أكثر من «1200 ريال»، إضافة إلى مخصصات أخرى كالسكن والإركاب إلى بلده سنوياً، وعندما تحدد التعليمات عدم التجديد للعمالة الوافدة إلا بعد الإعلان عن الوظيفة، وفي حال عدم التقدم لإشغالها من السعوديين يتم التجديد للعمالة الوافدة التي تشغل تلك الوظيفة، فهل يعقل أن يعلن عن الوظيفة بهذا المبلغ «700 ريال» الذي لا يمكن القبول به ويجدد للعمالة الوافدة بمبلغ ومميزات في مجملها تزيد على المبلغ المعلن عنه كثيراً، هذه هي حال الوظائف في هذا القطاع وعدم التخلص منها. القطاع الخاص يعتبر المساحة الأكثر استيعاباً لطالبي العمل ويعمل به من العمالة الوافدة - كما تقول الإحصائية - ستة ملايين عامل، ومن العمالة السعودية نصف مليون، وهذا يؤكد أن القرارات والتعليمات الصادرة بخصوص «السعودة» لم تأتِ ثمارها، علماً بأن كثيرين في هذا القطاع أبدوا استعدادهم لتطبيق أي قرار في هذا الصدد، ووزارة العمل أصدرت قرارات عدة وسمعناها إلا أننا لم نرها مطبقه كواقع معاش، ولم نرَ لها تأثيراً على البطالة المتزايدة ولم تتأثر العمالة الوافدة، المهم الحديث في هذا المجال على درجة عالية من الأهمية وعلينا إدراك ذلك، ولهذا يجب أن نولي النقاط الآتية كثيراً من الاهتمام والمعالجة: - حجم المبالغ المحولة من مصارفنا إلى الخارج والمقدرة ببلايين الدولارات ومدى تأثيرها على اقتصاد البلاد. - تُخرج جامعاتنا سنوياً أكثر من 15 ألف طالب وطالبة، وهناك أكثر من 60 ألفاً من أبنائنا يواصلون دراساتهم الآن في الجامعات العالمية خارج المملكة، هذه الأعداد بحاجة إلى تخطيط مسبق لاستيعابها. - لا تزال معظم مؤسسات القطاع الخاص تديرها عمالة وافدة، ولن أقول جميعهم وإنما 90 في المئة منهم يضعون العامل السعودي تحت ضغط يجعله غير قادر على الاستمرار، هذا من الأسباب التي جعلت أرباب العمل ينقلون إلينا صورة مختلفة عن قدرة العمالة السعودية، يضاف إلى هذا العائد المالي المتواضع. وزارة العمل والخدمة المدنية أصدرت كثيراً من القرارات والتعليمات، إلا أن الأسباب الحقيقية للبطالة لا تزال بعيدة عن المعالجة، وحتى تكتمل الجهود أدعو مجلس الشورى إلى طرح هذه القضية أمام المجلس لدراستها وإيجاد الحلول المناسبة، فالواقع يؤكد أن مخرجات التعليم الداخلي والخارجي بحاجة إلى خطط مسبقة، فهناك القطاعان العام والخاص بداخلهما مساحات شاسعة لاستيعابهم لأكثر من ضوابط والتزام ب «السعودة». [email protected]