عرقل القصف الجوي الكثيف الذي قامت به قوات النظام السوري على مدينة داريا المحاصرة في ريف دمشق، عملية توزيع المساعدات الغذائية التي دخلت للمرة الأولى الى المدينة ليلاً منذ العام 2012، وسط استياء من أهالي المدينة من نوع المساعدات، في وقت ضغطت الأممالمتحدة للحصول على موافقة دمشق لإغاثة حي الوعر المحاصر في حمص والزبداني في ريف دمشق. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن «استياء داخل مدينة داريا في غوطة دمشق الغربية، بعد دخول 480 سلة غذائية تكفي لنحو 2500 شخص، بالإضافة لمواد أخرى كالطحين والقرطاسية ومواد إنسانية ثانية، وزاد في الاستياء أن منظمة أوتشا تحدثت عن أن هناك 4 آلاف مدني فقط محاصرين داخل داريا، في حين أن المجلس المحلي تحدث عن 8300 محاصرين داخل المدينة، وأنه في حال توزيع السلال على كافة المواطنين في المدينة، فإنها لن تكفي سوى لنحو أسبوعين». وقال نشطاء أن «عملية توزيع المساعدات داخل المدينة لم تستكمل بسبب القصف من الطيران المروحي على المدينة بنحو 20 برميلاً متفجراً، وقصف قوات النظام على مناطق في المدينة»، علماً أن مدينة داريا تشهد منذ العام 2012 قصفاً من الطائرات المروحية بالبراميل المتفجرة، في محاولة لقوات النظام استعادة السيطرة على المدينة التي تتميز بموقعها الاستراتيجي المشرف على مطار المزة العسكري. وأفاد الناشط المعارض في داريا شادي مطر وكالة فرانس برس عبر الانترنت عن «قصف كثيف بالبراميل المتفجرة استهدف بشكل عشوائي المدينة منذ التاسعة من صباح اليوم (امس)، وتحليق كثيف لطيران الاستطلاع في اجواء المدينة». وقال مطر، الناشط في المجلس المحلي لمدينة داريا: «لم يتم بعد توزيع المساعدات التي تسلمها المكتب الإغاثي التابع للمجلس بسبب كثافة القصف الذي لم يتوقف منذ الصباح». وأكد مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس أن «القصف الجوي الكثيف لقوات النظام بالبراميل المتفجرة على مناطق عدة في داريا منذ الصباح (امس) يعرقل توزيع المساعدات الغذائية التي تم إدخالها ليل (الخميس - الجمعة) الى المدينة» المحاصرة. وتمكن الهلال الأحمر السوري بالتعاون مع الأممالمتحدة ليل الخميس الجمعة من إدخال قافلة من تسع شاحنات تتضمن مواد غذائية الى داريا. وقال مدير العمليات في الهلال الأحمر السوري تمام محرز لفرانس برس ليلاً أن القافلة «تحتوي على مساعدات غذائية، بينها مأكولات جافة وأكياس من الطحين، ومساعدات غير غذائية بالإضافة إلى مساعدات طبية»، لافتاً الى انها تكفي لمدة شهر. وقال عامل في برنامج الأغذية العالمي في شريط فيديو نشره المجلس المحلي لمدينة داريا على صفحته على موقع «فايسبوك» أن «القافلة ضمت 9 شاحنات تضم مساعدات متنوعة بينها مساعدات غذائية، للمرة الأولى منذ بدء الحصار الذي تفرضه قوات الاسد على المدينة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2012. وشملت المساعدات 480 سلة غذائية مخصصة ل2400 شخص ولمدة شهر واحد. كما شملت كميات من الطحين وسللاً صحية وشوادر ومواد قرطاسية ومواد أخرى». ووفق مطر، فإن مكتب الإغاثة في المجلس المحلي في داريا «قد يعدل السلل الغذائية لتكفي جميع السكان». وفي الأول من حزيران (يونيو) الحالي، دخلت أول قافلة مساعدات الى داريا منذ 2012، لكن من دون أن تتضمن مواد غذائية، ما شكل خيبة أمل للسكان الذين يعانون من سوء التغذية ويشكون ارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرتها. وأكد مطر أن «عدد السكان الذي كان ينتظر القافلة لم يكن كبيراً، لأنهم ما عادوا يصدقون الوعود». وأضاف: «بسبب القصف على المدينة (من قبل النظام)، لم يعد يجرؤ الناس على الخروج والتجمع». وما زالت الشاحنات تفرغ حمولتها في مستودعات المجلس المحلي ومكتب الإنقاذ في المدينة. ووفقاً لمطر، فإن «الطعام لا يكفي جميع السكان المحاصرين. لقد أبلغونا بأن هذا جزء من المساعدات». وأفاد «برنامج الأغذية العالمي» التابع للامم المحدة بأنه «لأول مرة منذ عام 2012 قام بإيصال مساعدات غذائية لمدينة داريا المحاصرة، التي تمثل إحدى مناطق ريف دمشق، وذلك كجزء من قافلة مشتركة بين الاممالمتحدة والهلال الأحمر العربي السوري». وقال انه «قدم حصصاً غذائية تكفي لإطعام 2400 شخص لمدة شهر واحد وكميات من دقيق القمح تكفي لإطعام كل السكان والذي يقدر عددهم بحوالى 4 آلاف نسمة، لمدة شهر ايضاً. وقد حملت القافلة المكونة من تسع شاحنات إمدادات طبية ومواد صحية لأهل داريا، في وقت متأخر من يوم الخميس. وتشمل السلال الغذائية التي يقدمها البرنامج الأرز، العدس، البرغل، البقوليات، الحمص، الملح، السكر والزيت». وأشار «البرنامج» الى انه «من المقرر إرسال المزيد من القوافل إلى كل من ال19 مدينة المحاصرة في سورية كجزء من خطة شهر يونيو (حزيران) ذلك في أعقاب موافقة الحكومة السورية على الوصول إلى جميع هذه المناطق»، لافتاً الى أن «سلسلة من عمليات الإنزال الجوي على بلدة دير الزور المحاصرة قامت بتسليم إمداد شهري من المواد الغذائية ل100 ألف شخص من المحاصرين داخل المدينة. ويخطط البرنامج للمزيد في الأسابيع القليلة المقبلة لتوفير حصة غذائية شهرية أخرى». وتابع البرنامج أن مساعدات غذائية ترمي لإنقاذ حياة أكثر من 1.4 مليون شخص كجزء من خطة شهرية للبرنامج تهدف للوصول إلى 4 ملايين شخص من النازحين والمستضعفين، لافتاً الى أن المساعدات التي تقوم معظمها على التحويلات النقدية من خلال «قسائم المساعدات الإلكترونية» - إلى حوالى 1.5 مليون لاجئ سوري يعيشون في البلدان المجاورة. في جنيف، قال الناطق ينس لايركي باسم مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في جنيف ان «الأممالمتحدة قادرة على تسليم المساعدات الى 17 منطقة من أصل 19 محاصرة». أضاف انه من بين المناطق السبع عشرة، «هناك منطقتان لم نحصل على موافقة خطية في شأنهما من الحكومة، هما حي الوعر في حمص والزبداني في ريف دمشق». غير ان المبعوث الأممي الخاص الى سورية ستيفان دي ميستورا أكد الخميس ان الحكومة السورية أعطت الموافقات اللازمة لنقل المساعدات الى جميع المدن والمناطق المحاصرة في البلد. وأحصت الأممالمتحدة حوالى 593000 شخص يقيمون في 19 منطقة محاصرة، وطلبت موافقة دمشق لتسليم المساعدات الى 17 منها، مستثنية دير الزور التي يحاصرها «داعش» المتشدد حيث تلقي منظمة الأغذية والزراعة (فاو) المساعات من الجو بموافقة دمشق، ومخيم اليرموك حيث حصلت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين على موافقة جزئية. وأعرب دي ميستورا عن أمله في أن تزيد قوافل المساعدات البرية في الأسابيع المقبلة، بشكل يجعل من العمليات المكلفة والخطيرة لإلقاء المساعدات غير ضرورية. والشهر الماضي، حدد أعضاء المجموعة الدولية لدعم سورية التي تضم عشرين دولة ومنظمة، الأول من حزيران موعداً نهائياً لإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة من طريق البر، وإلا فستباشر الأممالمتحدة إلقاء المساعدات جواً. إلا أن المنظمة الأممية أعلنت يوم الجمعة الماضي أنها مددت المهلة حتى العاشر من الشهر نفسه.