وارسو، باريس - أ ف ب - وعد الليبرالي برانيسلاف كوموروفسكي غداة فوزه بالانتخابات الرئاسية في بولندا على حساب منافسه المحافظ ياروسلاف كاتشينسكي، الشقيق التوأم للرئيس الراحل ليخ كاتشينسكي، بالعمل على إنهاء الانقسامات في البلاد. وقال كوموروفسكي, رئيس البرلمان الذي بات بموجب الدستور الرئيس الانتقالي بعد شغور الرئاسة بمقتل كاتشينسكي في حادث تحطم طائرة في روسيا في العاشر من نيسان (أبريل) الماضي, بالعمل على إنهاء الانقسامات في البلاد. وقال: «الانقسامات جزء لا يتجزأ من الديموقراطية، لكن يجب ألا تمنعنا من التعاون أو تحول دون بناء توافق وطني». ورأت الصحافة البولندية أن فوز كوموروفسكي يشكل تحدياً لحزبه «البرنامج المدني» لإثبات قدرته على إصلاح البلاد بالعمق. وأفادت صحيفة «دسيينيك غازيتا برونا» بأن «الناخبين نقلوا كل السلطات الى البرنامج المدني وهم مقتنعون بانه سيواجه عواقب الأزمة في شكل أفضل»، آملة بأن يحافظ الحزب على الأداء الاقتصادي الجيد لبولندا، الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي حافظت على نموها الاقتصادي خلال الأزمة. وكتبت صحيفة «رسيسبوسبوليتا» المحافظة»: «سنرى إذا كان حزب البرنامج المدني سيستطيع إصلاح البلاد لا سيما في مجالات المالية العامة حيث سيواجه مجموعات مصالح قوية». أما صحيفة «غازيتا فيبروتسا» (وسط-يسار) فرأت أن حزب البرنامج المدني يجب أن يثبت انفتاحه على مطالب الديموقراطية الأوروبية والثقافية من أجل ضمان عدم خسارته الانتخابات المقبلة». وأجمعت الصحف على الإشادة بإقناع ياروسلاف كاتشينسكي أكثر من ثمانية ملايين بولندي بانتخابه، وإرسائه قواعد جيدة جداً لحزبه استعدادا للانتخابات المقبلة. وحصل كاتشينسكي على نسبة 47،37 في المئة من الأصوات في مقابل 52،63 في المئة لكوموروفسكي، علماً أن نسبة المشاركة بلغت 55.29 في المئة. وحاول كاتشينسكي أن ينسي الناخبين أسلوبه الحاد وقدرته على التفرقة وعرقلة عمل مؤسسات أوروبية حين رأس حكومة شقيقه بين تموز (يوليو) 2006 وتشرين الثاني (نوفمبر) 2007، حين لجأ الى «الفيتو» الرئاسي 18 مرة لمنع صدور قوانين سنها الليبراليون. ورفع كوموروفسكي شعار «التفاهم بناء» الذي لمح الى أن انتخابه سيضع حداً للتحالف الصعب بين الحكومة الليبرالية لدونالد تاسك والمعارضة المحافظة التي مثلها الرئيس الراحل ليخ كاتشينسكي. وفيما اتجهت أنظار أوروبا كلها صوب بولندا، الدولة الشيوعية السابقة التي انضمت الى الاتحاد عام 2004 والتي تصادم رئيسها الراحل كاتشينسكي مرات مع قادة أوروبيين كثيرين، رحبت الحكومة الألمانية بفوز كوموروفسكي، معتبرة انه يرسل «إشارة تأييد قوية لأوروبا». ووصف وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلله الذي يرأس الحزب الليبرالي في بلاده الرئيس الجديد كوموروفسكي بأنه «شريك قوي لألمانيا» من أجل تعزيز سياسة الثقة والتعاون، مؤكداً عزمه على تعزيز التعاون مع بولندا في إطار ما يسمّى ب «مثلّث فايمار» الذي يضم ألمانيا وبولندا وفرنسا وينعقد مرات سنوياً. وشدّد فيسترفيلله نية يرلين «تعميق العلاقات مع بولندا على غرار ما أنجزناه مع فرنسا خلال العقود الماضية»، علماً أن العلاقات بين الدولتين لا تزال تتأرجح بين حسنة ومتوترة منذ الحرب العالمية الثانية، في ظل استمرار مطالبة قسم من الألمان الذين هربوا من بروسيا الألمانية لدى دخول الجيش السوفياتي إليها باسترجاع ممتلكاتهم، علماً أن برلين وقّعت رسمياً منذ أكثر من عقدين اتفاقاً يفيد بأن خط نهر «نايسه» الذي يفصل بين البلدين شمالاً هو خط نهائي لا رجوع عنه، ما يعني تخليها عن شمال بروسيا. وفي باريس، رحب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بانتخاب كوموروفسكي رئيساً لبولندا، «ما سيؤكد دورها المهم في أوروبا. وقال: «اغتنى الاتحاد الأوروبي منذ ستة أعوام بحضور بولندا التي ستواصل فرنسا تعاونها معها.