بغداد - أ ف ب - حاول جوزف بايدن نائب الرئيس الأميركي دفع القادة العراقيين إلى تحقيق اختراق يسمح بكسر الحلقة المفرغة وحلحلة الاوضاع السياسية المتأزمة مع اقتراب موعد انتهاء المهلة الدستورية منتصف تموز (يوليو) الجاري. والتقى بايدن في اليوم الثالث من زيارته غير المعلنة، لكن المرتقبة، رئيس الجمهورية المنتهية ولايته جلال طالباني وزعيم «المجلس الأعلى الاسلامي» عمار الحكيم في حضور السفير الأميركي كريستوفر هيل وقائد القوات الاميركية الجنرال راي اوديرنو وآخرين. وقال طالباني للصحافيين قبيل الاجتماع: «سنتحدث معه في كل الأمور، فهو صديق». أما الحكيم، فأكد في بيان أن «المجلس الأعلى» «لن يكون طرفاً في حكومة غير ناجحة». وأوضح أنه «يلعب دوراً أساسياً في التقريب بين وجهات النظر لمختلف الأطراف والعمل على تشكيل الحكومة وفقاً لمبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية». وأكد أن هذا الأمر «خيار وطني مستقل خاص بالعراقيين». ولم يكن ممكناً معرفة ما إذا كان أجرى محادثات مع شخصيات أخرى قبل مغادرته بغداد في وقت لاحق. وقالت مصادر إن الأميركيين «لم يقدموا اقتراحات محددة انما طرحوا افكاراً». لكن مسؤولاً حزبياً رفيع المستوى رفض كشف اسمه قال إن «هناك فكرتين: إما تقاسم منصب رئيس الوزراء بين علاوي والمالكي سنتين لكل منهما، أو تعديل صلاحيات رئيس الوزراء لمصلحة رئيس الجمهورية». ويعيد حديث المسؤول الحزبي الى الأذهان تصريحات هيل خلال لقائه صحافيين أجانب الثلثاء الماضي في خصوص «تغيير وضع الرئاسة»، في اشارة الى اقتراحات ترى أن حل أزمة منصب رئيس الوزراء يكمن في منح رئيس الجمهورية مزيداً من الصلاحيات من أجل التوازن بين المنصبين. كما أبدى ديبلوماسي غربي في حينه قلقه ازاء احتمال أن يكون علاوي والعرب السنّة يبالغون بقوتهم أكثر من اللازم. وخاطب بايدن القادة العراقيين خلال حفل لمناسبة عيد الاستقلال الأميركي قائلاً إن تحقيق تقدم في العراق «متوقف على ارادة اخضاع مصالحكم الفردية لمصلحة خير الجميع». وأضاف: «أُريد أن أكون واضحاً، فأنا لا أعطي دروساً لكن وضع المصالح الفردية في مرتبة أدنى، أساسي من أجل نجاح أي أمة». كما قال: «برأيي المتواضع، لتتمكنوا من تحقيق أهدافكم، يجب أن تكون أصوات الجماعات كافة ممثلة في الحكومة الجديدة وفي شكل نسبي». وأضاف أن القائمة «العراقية وائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني والتحالف الكردستاني سيلعبون دوراً مهماً في هذه الحكومة الجديدة كي تنجح». وختم نائب الرئيس المكلف ملف العراق أنه ليس لواشنطن «أجندة خفية. ليس لدينا أكثر من رغبتنا في رؤيتكم ديموقراطية مزدهرة ومستقلة». والتقى بايدن رئيس الوزراء السابق اياد علاوي وخصمه الأبرز رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي في شكل منفصل مع الوفود ثم في اجتماعات ثنائية. وتأتي الزيارة في وقت تواصل فيه الوحدات القتالية الاميركية انسحابها ليصبح عديدها أواخر آب (اغسطس) المقبل 50 ألفاً فقط في مقابل 77 ألفاً حالياً. وتسود انقسامات حادة داخل الطبقة السياسية حيال تشكيل الحكومة وخصوصاً منصب رئيس الوزراء الذي يتمتع بصلاحيات واسعة جداً في بلد متعدد القوميات، وهي مسألة تشكل العقبة الأساسية أمام التوصل الى اتفاق على توزيع المناصب الرئاسية الثلاثة. وما زال التعثر السمة الاساسية للمحادثات بين كل الاطراف على رغم اقتراب موعد انتهاء المهلة الدستورية التي بدأت بعد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد. وانتهت جلسة شكلية للبرلمان الثاني منذ الاجتياح الاميركي للبلاد ربيع عام 2003، بابقائها مفتوحة واقتصرت على أداء القسم للنواب الجدد بعد مئة يوم من الانتخابات التشريعية. وكانت المحكمة الاتحادية، اعلى هيئة قضائية في البلاد، صادقت مطلع حزيران (يونيو) الماضي على نتائج الانتخابات التي تؤكد فوز الليبرالي علاوي (91 مقعداً)، على المالكي (89 مقعداً). وأعلن ائتلافا «دولة القانون» و «الوطني العراقي» (70 مقعداً) مطلع أيار (مايو) الماضي اندماجهما ليشكلا الكتلة البرلمانية الأكبر عدداً (159 من اصل 325 مقعداً). الا أن الكتلة الشيعية التي يمكنها الاعتماد على دعم الاكراد لنيل غالبية كبيرة في البرلمان، لا تزال تشهد مفاوضات متعثرة للتوصل الى اتفاق على مرشح واحد لمنصب رئيس الوزراء. وكان بايدن أعرب عن «التفاؤل بقوة» بتوصل القادة العراقيين الى تشكيل حكومة. ويتوجه بايدن عادة الى العراق عندما تبلغ الامور مرحلة من التعقيدات كما حدث ابان الفترة السابقة لاقرار قانون للانتخابات التشريعية التي أجريت في السابع من آذار (مارس) الماضي. يذكر أن هذه الزيارة هي الثانية لبايدن منذ أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي، والمرة الثانية التي يمضي فيها العيد الوطني الاميركي في العراق.