هو السيد محمّد حسين ابن السيد عبدالرؤوف بن نجيب الدين ابن السيد محيي الدين ابن السيد نصرالله بن محمد بن فضل الله (وبه عرفت الأسرة وإليه نسبت) ابن محمد بن محمد بن يوسف بن بدر الدين بن علي بن محمد بن جعفر بن يوسف بن محمد بن الحسن بن عيسى بن فاضل بن يحيى بن حوبان بن الحسن بن ذياب بن عبدالله بن محمد بن يحيى بن محمد بن داود بن ادريس بن داوود بن أحمد بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام علي بن أبي طالب. ولد العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله في النجف الأشرف/العراق في19 شعبان 1354ه (تشرين الثاني/ نوفمبر 1935)، وكان والده آية الله السيد عبدالرؤوف فضل الله هاجر إليها لتلقّي العلوم الدينية، وأمضى مع أسرته فترات طويلة في الدرس والتدريس، ضمن الحاضرة العلمية الأبرز في العالم آنذاك. ترعرع فضل الله في أحضان الحوزة العلمية الكبرى في النجف الأشرف، وبدأ دراسته العلوم الدينية في حوالى التاسعة من عمره، بدأ الدراسة على والده، وتدرّج حتى انخرط في دروس الخارج في سنّ السادسة عشرة تقريباً، فحضر على كبار أساتذة الحوزة آنذاك، أمثال المرجع الديني السيد أبو القاسم الخوئي، والمرجع الديني السيد محسن الحكيم، والسيد محمود الشاهرودي، والشيخ حسين الحلي، وحضر درس الأسفار عند الملّا صدرا البادكوبي. وكان فضل الله من الطلاب البارزين في تحصيلهم العلمي، فقدم السيد محمد باقر الصدر أعماله العلمية إلى السيد الخوئي، الذي أولاه في ما بعد ثقة كبيرة، فكانت وكالته المطلقة له في الأمور التي تناط بالمجتهد العالم. وجاء السيد فضل الله إلى الساحة اللبنانية عام 1966 فأسس حوزة المعهد الشرعي الإسلامي الذي خرّج العديد من علماء الدين في لبنان. واختار فضل الله أن يبدأ خطواته الأولى في لبنان من منطقة النبعة، شرق بيروت، ذات الغالبية الشيعية الفقيرة، وهناك أنشأ مسجداً وحوزة وحسينية. وترجم فضل الله توجهه الإسلامي العالمي من طريق طرح الإسلام كفكر عام غير حزبي وغير طائفي وغير مذهبي، وسعى إلى أن يكون عامل جذب متنوعاً لكل من أراد التزام الإسلام بلا عقد وحواجز، ولكل من أراد التعرف إلى الإسلام من دون تعقيدات المذاهب والطوائف والأحزاب. ووضعت الأحداث الأمنية التي عصفت بلبنان مع مطلع عام 1975، مشروع فضل الله التوعوي الفكري أمام تحدٍّ كبير، بخاصة بعد أن سقطت النبعة، حيث يقع المعهد الإسلامي الذي اسسه. لكن فضل الله ما لبث ان جدد نشاطه من منطقة شعبية شبيهة بالنبعة هي حي السلم، مروراً بالغبيري، في ضاحية بيروت الجنوبية، التي أخذ النازحون يتجمعون فيها قادمين من مناطق التوتر او التهجير. وتعرض فضل الله لمحاولات اغتيال عدة في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، إحداها بقذيفة مدفع أصابت غرفة نومه، في منطقة الغبيري، إضافةً إلى محاولات اغتيال أخرى جرت على الطريق التي كان يسلكها إلى درس تفسير قرآني في منطقة الشياح، وأخرى على الطريق التي كان يسلكها إلى خطبة يوم الجمعة في بئر العبد. لم تنل هذه المحاولات الفاشلة من عزيمة فضل الله، وكان لسان حاله دائماً «إنني قد نذرت نفسي للإسلام ولا عودة إلى الوراء حتى لو أدى ذلك إلى استشهادي... ونحن قوم الموت في عُرفِنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة». ومنذ تلك المرحلة، رعى نشوء عدد من الجمعيات والمؤسسات الإسلامية الشبابية والطالبية، ودعمها معنوياً وفكرياً بكل ما أمكنه، فكان معظم الشباب الحركي المتدين في حركة «أمل» والاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين، وفي ما بعد جمعيات إسلامية أخرى، يتدارسون على فكره ومحاضراته. وعشية الاجتياح الإسرائيلي لبنان عام 1982، كانت الكتلة الشابة من المتدينين والمتحلقين حول فضل الله بلغت شأناً لا يستهان به. وهذه الكتلة شكّلت النواة الأولى لهيئة دعم الثورة الإسلامية في إيران، اذ كان فضل الله أول من دعا إلى التعاطف مع شعاراتها، وإلى التفاعل مع قياداتها، وعلى رأسهم الإمام الخميني، من دون تحفظات، باعتبارها البشارة والشرارة التي يمكن أن تتشكل على أساسها الجمهورية الإسلامية، خصوصاً أنه كان على معرفة بالإمام الخميني منذ أيام النجف، وكذلك التقاه مرات عدة في ايران. كما كان فضل الله يعرف السيد علي الخامنئي (مرشد الثورة الايراني) منذ أيام النجف أيضاً، وحين كان الخامئني ممثلاً للإمام الخميني في المجلس الأعلى للدفاع في ايران والحزب الجمهوري. وأخذ فضل الله على عاتقه التنظير للاستراتيجيات الإسلامية للثورة، والتفاعل مع قياداتها، ولبى في هذا السياق العديد من الدعوات التي وجهت إليه من قيادات الثورة الإسلامية، وكانت اللقاءات معهم مناسبات لتدارس الخطط الكبرى للمشروع الإسلامي الذي راح يأخذ أبعاداً مميزة له انطلاقاً من الجمهورية الإسلامية في إيران. وشارك في مؤتمرات عديدة في أنحاء مختلفة من العالم، في أميركا وأوروبا وشرق آسيا وغيرها. وعلى قاعدة أنه مرشد مجموعات الشباب التي اتجهت للمقاومة والجهاد والاستشهاد في سبيل الله، ولغاية دحر الاسرائيليين الذين كانوا اجتاحوا لبنان عام 1982، من المناطق اللبنانية المحتلة، بدأ بعض أجهزة الاستخبارات التخطيط لاغتيال «رأس الحالة الإسلامية الجهادية في لبنان»، وأخذ القرار، ووضعت سيّارة مفخّخة بجوار منزله في بئر العبد في 8 آذار (مارس) 1985 ذهب ضحيتها ما يزيد على مئة وخمسين شخصاً بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ. بعد رحيل الصف الأول من مراجع التقليد في العالم على غرار الخوئي والخميني، بدأ فضل الله إخراج آرائه الفقهية في شكل أوّلي عبر كتابات جمعت فتاواه في شكل عام وصدرت في كتاب «المسائل الفقهية» في جزءين، ثمّ علّق على كتاب «الفتاوى الواضحة» للسيد محمد باقر الصدر على أثر رغبة من بعض المؤمنين، وأخيراً أصدر كتابه الكامل المتكامل «فقه الشريعة» في ثلاثة أجزاء، والذي ضم آراءه الفقهية الكاملة، ليسترشد بها مقلِّدوه في مختلف دول العالم. ومع تنامي عدد مقلدي فضل الله، صار يتعرض من حين الى آخر الى حملات وصلت أحياناً حد التشهير والشتائم، لكنه تجاوزها، وأبدى إجمالا آراء اعتبرت متنورة. وطرح فضل الله جملة أفكار بكر خلقت جدلاً واسعاً في الساحة الإسلامية الثقافية، فمقالاته في مجلة «الحكمة» و «المنطلق» وغيرهما من المجلات الفكرية التي تناولت موضوعات لها علاقة بالبرلمانية والديموقراطية والمشاركة السياسية، وغيرها الكثير من إشكالات الفكر والسياسة الحداثوية، تشهد له على استشرافه المأزق الذي يمكن أن يواجه الحركة الإسلامية العالمية، بخاصة بعد أن أصبح لها دولة في إيران، وبات عليها أن تقدم نموذجاً متقدِّماً يتجاوز التقاليد السياسية السائدة . وكان فضل الله من الرعيل الأول لمؤسسي حزب «الدعوة» ثم رأس الرعيل الثاني من المؤسسين، قبل أن يصبح مستقلاً. وفي مجال الانفتاح على العالم، بادر إلى طرح مقولة الحوار الإنساني - الإنساني، لإظهار الوجه الحضاري للإسلام، ولاستدراج الغرب بمقولاته الفكرية والفلسفية بدل أسلحته التدميرية وترسانته النووية. كما كان من رواد الحوار الاسلامي - المسيحي، والحوار المذهبي السني - الشيعي. ولعل الاستجابة التي لاقتها دعوته هذه من عدد كبير من علماء الدين المسيحيين والغربيين عموماً، جعلت اسمه من الأسماء الإسلامية الكبرى التي يحترم فكرها وآراؤها لصدقيتها، ولمضمونها الديني الإنساني الذي يحترم الإنسان بمعزل عن لونه وقوميته وانتمائه الحضاري. وبالتساوي والتوازن مع دعواته إلى الحوار الإنساني الإنساني، لم يغفل فضل الله مخططات الاستكبار السياسية والاقتصادية لوضع اليد على أنظمة الحكم في المناطق الإسلامية، وعن نيّاته مصادرة ثرواته البشرية الفذّة والطبيعية الغنية. فالمراقب خطبَ السيد وكتاباته، يلاحظ الالتفات الدائم إلى مثل هذه الأهداف، وإلى فضحه الدائم مخططاتِ الاستكبار، مقرونةً بأدلّة التي لا تقبل الجدل. ومع ذلك، لم يداهن الحركات الإسلامية التي تستخدم الطرق غير المنطقية وغير الإنسانية في تحقيق أهدافها. من هنا نجده أنصف بعض الحركات الإسلامية بالقول إنها إسلامية في عقائدها إلا أنها غير حكيمة في وسائلها وطرق عملها. وليس أدلّ على هذه المواقف المبدئية من استنكاره تفجير مبنيي مركز التجارة العالمي على رؤوس المدنيين في 11 أيلول (سبتمبر) 2001، والذي اعتبره عملاً لا يقره عقل ولا دين ولا منطق، وبأنه عملٌ أعطى المستكبر الأميركي والبريطاني حجة قوية لتبرير هجومه الهمجي على العالم الإسلامي لتحقيق ما خطط له ضد هذا العالم قبل حدوث التفجيرات بعقود من السنين. لكن السيد فضل الله وقف بكل قوة في وجه مقولات الاستكبار وخططه، ودعا إلى تأسيس مراكز أبحاث علمية عالمية دولية محايدة، تضع حدوداً للمصطلحات والتعاريف، من أمثال الإرهاب، ومحور الشر والخير، وغير ذلك من المقولات التي أعاد تحديد معانيها وحدود دلالاتها بما يفوّت على المستكبر استخدام قاموسه المعادي تحت هذه العناوين وفي ظلِّ هذه الشعارات. ودرج السيد فضل الله على اعطاء درس أسبوعي في بيروت وكذلك في دمشق التي انقطع عنها لأسباب صحية. وللسيد فضل الله عشرات المؤلفات التي تتراوح بين الكتيبات والمجلدات. وتتوزع هذا المؤلفات على: الفقة، الإسلام، الأخلاقيات والاجتماع، طرق العبادة، القرآنيات، الأدعية، سيرة آل البيت والشعر. وصدر آخر ديوان له، بعنوان «دروب السبعين» عن دار الملاك في بيروت، في حزيران (يونيو) الماضي. وأنشأ فضل الله عدداً من المؤسسات حملت اسم «جمعية المبرات الخيرية» يتولى ادارتها شقيقه السيد باقر فضل الله، وهي تضم مدارس، معاهد مهنية، مؤسسات رعاية، مراكز صحية، مراكز دينية، مراكز متخصصة بذوي الحاجات الخاصة، إضافة الى اذاعة «البشائر» وتلفزيون «الايمان». كما أسهم فضل الله في انشاء مجمّع الإمامين الحسنين الذي يضم مسجداً ومستشفى بهمن وقاعات ثقافية. سيرة معدة بالاستناد الى الموقع الرسمي للسيد فضل الله الذي يحمل اسم «بينات»: www.bayynat.org.lb