يختلف ارتداء العباءة من مدينة إلى أخرى في المملكة، وهذا الاختلاف لم يكن حكراً، إذ تتبع مدن خليجية هذا النوع من الزي النسائي الخاص، وتتشابه في الظروف مع اختلاف بسيط في كيفية ارتدائه، في الأحساء مثلاً تعد العباءة الكاملة ذات القطعة الواحدة المتدلية من الرأس إلى القدمين علامة على «الحشمة والوقار»، و«التمسك بالعادات والتقاليد»، إلا أنها تواجه في الوقت الحالي صراعاً من موردي عباءة الكتف والأنواع الأخرى. ويرجع الكثير من المؤرخين تاريخ ووطن العباءة المستخدمة في منطقة الخليج بصورة عامة إلى العراق، الذي يعد موطنها الأصلي. ولم تحدد الفترة التي بدأ ارتداؤها، ويبدو ذلك جلياً في الأهازيج والأغاني الشعبية. وتقول دلال الصالح: «لا تزال العباءة تحظى بنظرة فيها نوع من القدسية من بين بقية الأزياء النسائية المحلية لدى الكثيرين، فلا يمكن المساس بها وتغيير شكلها على الإطلاق، فالبعض يرى في ذلك تمسكاً في العادات والتقاليد». ولا تجد ما تشير إليه دلال من «قدسية» للعباءة، آذاناً صاغية، لدى الشركات العالمية، التي دخلت على خط العباءة، و«أصبحنا نرى تنافساً قوياً من مصانع يابانية، تورد ما يعرف ب «التترون»، إضافة إلى شركات فرنسية وكورية وصينية، وأيضاً سورية، وكلٌ له سعره ومستوى جودة في التصنيع، وللنساء أيضاً ذوق رفيع في اختيار الأجود، لأن العباءة تمثل شخصية السيدة التي ترتديها، لذا نحرص على التطريز الجيد والخياطة المتقنة، التي يفضلها البعض يدوية». وتأثرت العباءة القديمة المنسوبة إلى العراق بالخليجية التي تميل إلى الشبابية في جرأة التصاميم، التي تبدأ ضيقة من الأعلى، وتنتهي بالضيق ذاته. وتقول زينب الشخص: «يتماشى الجيل الحالي من الفتيات، مع الموضة الحالية للعباءات، التي تحمل أشكالاً مختلفة، وبعضها يشبه التفصيل البريطاني القديم»، مشيرة إلى ظهور نوع جديد من العباءات «أثارت غضب المحافظين، وهي عباءة تغطي الجسم وتظهر منطقة البطن بصورة شفافة وإيحائية، على غرار المشلح الرجالي ولا تختلف عنه كثيراً، وأخرى تسمى «الفراشة»، وتكون الأكمام فيها واسعة جداً، ما يتيح النظر إلى ما في داخلها، وكذلك «الوطواط»، التي اشتق اسمها مما كان يرتديه «الوطواط» في فيلم «بات مان». كما دخلت الألوان لتزاحم الأسود، بل أصبحت بعض الفتيات يظهرن تشجيعهن لبعض الأندية من طريق وضع ألوان تظهر هذا الانتماء. وتتوقع سهير علي أن «تحمل الأيام المقبلة تغييرات متلاحقة ومتتابعة، قد تلغي العباءة الحالية وتحيلها إلى التقاعد». وتقول: «ليس من السهل أن نشهد تغييراً في ثقافة المجتمع المحافظ، وأنا أؤيد أن لا ترتدي الفتاة العباءة إذا كانت ستتحول من مهمتها الرئيسية (الحشمة)، لتصبح أداة للزينة والمباهاة وإظهار المفاتن».