استقبلت كييف وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون بإقرار قانون يغلق الطريق امام انضمام اوكرانيا الى حلف شمال الاطلسي (ناتو)، وسط انتقادات حادة من جانب المعارضة واتهامات للرئيس فيكتور يانوكوفيتش بالسعي الى «الاندماج مع روسيا». في المقابل، ركزت واشنطن اهتمامها على النيات الاوكرانية للتخلص من مخزون اليورانيوم العالي التخصيب. وصادق مجلس الرادا (البرلمان) الاوكراني على القانون الجديد ليل الخميس – الجمعة قبل ساعات من بدء زيارة كلينتون لكييف. ويحدد القانون مبادئ السياسة الداخلية والخارجية للبلاد، ونال غالبية اصوات الحاضرين في الجلسة (259 من 279) في حين يحتاج اقرار القوانين الى 226 صوتاً كحد أدنى. وتنص الوثيقة التي قدمها الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الى الهيئة الاشتراعية مطلع الشهر الماضي، على الخطوط العامة للسياسة الاوكرانية بعد شطب بند كان مدرجاً في القانون القديم ينص على توجه اوكرانيا للانضمام الى «الاطلسي». ومع تبني القانون الجديد من دون ذلك البند، يكون الباب اغلق امام جهود الحلف لاستمالة كييف. في الوقت ذاته، أكد القانون على التوجه الاوكراني الى الاندماج مع المنظومة الاوروبية، والتكامل مع «انظمة الامن الجماعي الاقليمية والاوروبية». وتمهد هذه الفقرة لتعاون اوسع مع المنظمات الاقليمية التي تلعب فيها روسيا دوراً رئيساً. كما نص القانون على ضرورة الحفاظ على «حسن الجوار والشراكة الاستراتيجية مع روسيا وبلدان الرابطة المستقلة». وإضافة الى التوجهات السياسية الخارجية، حسم القانون الجديد ملفاً حساساً اثار كثيراً من السجالات خلال السنوات الماضية، يتعلق باللغة الرسمية للبلاد. ومعلوم ان المعارضة في السابق كانت تصر على ضرورة احترام وضع اللغة الروسية كونها «لغة نصف الاوكرانيين المقيمين في الاقاليم الشرقية للبلاد» في حين كان توجه السلطة في عهد الرئيس السابق فيكتور يوتشينكو الى اعتبار اللغة الاوكرانية «لغة رسمية وحيدة»، في تجاهل لحقوق الناطقين بالروسية. وحسم القانون الجديد الجدل في بند اكد ان «اللغة الاوكرانية هي الرسمية لكل نواحي الحياة والتعامل وعلى كل الاراضي الاوكرانية مع ضمان تطور وانتشار اللغة الروسية والدفاع عنها وعن كل اللغات المستخدمة للقوميات الاخرى في البلاد». وانتقدت رئيسة الوزراء الاوكرانية السابقة يوليا تيموتشينكو بحدة القانون الجديد واعتبرت ان «شطب كلمة الوحيدة يعد خيانة». واعتبرت ان ابتعاد اوكرانيا عن نيات الانضمام الى «الاطلسي» وتأكيد «التكامل مع المنظمات الاقليمية» يعني ان «السلطة الحاكمة تعمل على الاندماج مع روسيا». وعلى رغم التزامن بين اقرار القانون وزيارة كلينتون، لم تعلق واشنطن على صدور القانون الجديد. وكانت الخارجية الاميركية اعلنت في وقت سابق ان «تراجع كييف عن التقارب مع الحلف شأن اوكراني داخلي». ومعلوم ان «الاطلسي» عرض على اوكرانيا نهاية العام 2008 الانضمام الى برنامج تأهيلي يمهد لانضمامها الى الحلف، لكن الازمة السياسية المستعصية في البلاد في ذلك الوقت اعاقت جهود يوتشينكو لتسريع وتيرة هذا التقارب. وأجرت كلينتون أمس، محادثات مع نظيرها الاوكراني قسطنطين غريشينكو والتقت رموز المعارضة وبينهم تيموتشينكو. وفي الشق الرسمي للزيارة، اعلن مساعد الوزيرة لشؤون اوروبا واوراسيا فيليب غوردون ان التركيز انصب على «الالتزام الاوكراني بقرار التخلص من مخزون اليورانيوم عالي التخصيب». ومعلوم ان اوكرانيا ما زالت تحتفظ بمخزون ضخم من المادة المشعة يقدر بنحو 90 كيلوغراماً، وهي كافية بنسبة التخصيب العالية لصناعة عشرات القنابل النووية. وكان يانوكوفيتش اعلن خلال مشاركته في مؤتمر الحد من انتشار المواد النووية الذي انعقد الشهر الماضي في الولاياتالمتحدة، عن نية بلاده التخلص من هذه الترسانة، واتفق خلال محادثات مع الرئيس الاميركي باراك اوباما على التعاون مع واشنطن في هذا الشأن. وأفادت مصادر اوكرانية ان زيارة كلينتون تهدف الى بحث الخطوات العملية لتطبيق القرار، اضافة الى تأكيد التزام الجانب الاميركي بتعهد قدمه اوباما يقضي بتوفير المساعدات المالية والفنية لكييف لتحقيق هذا الغرض. وتأتي زيارة كلينتون الى كييف في اطار جولة واسعة في المنطقة تحملها ايضاً الى بولندا وجورجيا وارمينيا واذربيجان.