أكدت الأسرة الدولية تمسكها بحل الدولتيْن الفلسطينية والإسرائيلية من خلال مفاوضات تؤدي الى سلام دائم، لكنها عبّرت عن تخوفها من أن يؤدي استمرار الاستيطان وأعمال العنف الى تقويض هذا الحل. جاء ذلك في بيان مشترك صدر في ختام الاجتماع الأول في إطار مبادرة السلام الفرنسية، والذي عقد أمس في باريس في محاولة لاختراق الجمود الراهن، من دون أن يقدم جديداً. وواصلت إسرائيل حملتها ضد المؤتمر وحكمت عليه مسبقاً بالفشل، خصوصاً في غياب «العروس والعريس» عن الحفلة. وعلى نحو مفاجئ، أبدت تفضيلها عقد مؤتمر إقليمي في إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس السابق للجنة الرباعية الدولية توني بلير. في المقابل، رحبت السلطة الفلسطينية بالمبادرة الفرنسية باعتبارها «بارقة أمل»، وطالبت ب «إطار وجدول زمني واضحيْن» للمفاوضات، في حين نددت بها حركتا «حماس» و «الجهاد الإسلامي» والجبهتان «الشعبية» و «الديموقراطية»، معتبرة أنها «تضرب بالعمق» الثوابت الفلسطينية. وكان مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية صرح قبل الاجتماع بأن بلاده «لن تتقدم بأي اقتراحات محددة»، و «لم نتخذ أي قرارات عن الدور الذي سنلعبه في هذه المبادرة إن كان لنا دور»، و «سنكتفي بالاستماع لأفكار الفرنسيين أو أي أطراف أخرى، والتحدث معهم عما يمكن أن يكون منطقياً للتقدم». وأفاد البيان الختامي الذي خلا، مثلما كان متوقعاً، من أي اقتراحات أو أفكار جديدة، أن المشاركين يتمسكون بالسلام العادل والدائم، وبالتفاوض وصولاً الى حل الدولتين، لكنهم قلقون من الأعمال الدائرة على الأرض، خصوصاً الاستيطان وأعمال العنف التي يمكن أن تقوّض هذا الحل، معتبرين أن الوضع القائم لا يُحتمل، وأن على الطرفيْن اتخاذ خطوات وسياسات تصب في إطار الالتزام الفعلي بحل الدولتين من أجل إعادة بناء الثقة وإنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967. وأعاد التذكير بالمعايير الدولية المعروفة لتحقيق السلام، وهي القراران الرقم 242 و338 وغيرهما من قرارات صادرة عن الأممالمتحدة، كما شدد على ضرورة تطبيق مبادرة السلام العربية. وعلى رغم التشكيك الذي واكب بداية الحديث عن هذه المبادرة، فإن هذا الاجتماع عقد بحضور ممثلين عن نحو 30 دولة ومنظمة دولية، وحضره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزراء الخارجية الأميركي جون كيري، والسعودي عادل الجبير، والمصري سامح شكري، والأردني ناصر جودة، والمغربي صلاح الدين مزوار، والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، وغاب عنه الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، اللذان لم توجه إليهما الدعوة في هذه المرحلة. وواكبت الاجتماع تصريحات عدة حذرت من خطورة الجمود القائم، فحذر الرئيس فرانسوا هولاند في كلمته الافتتاحية من أن الفراغ الديبلوماسي في الشرق الأوسط يغذي التطرف والإرهاب، لكنه أضاف أنه يعود الى الأطراف وحدها الإقدام على خيار السلام الشجاع، موضحاً أن المبادرة الفرنسية تهدف الى «منحهم ضمانات لسلام ينبغي أن يكون متيناً ومستداماً وبغطاء دولي». من جانبه، شدد وزير الخارجية السعودي بعد سلسلة لقاءات ثنائية على هامش الاجتماع، على أن المبادرة العربية لعام 2002 لا تزال تشكل الحل الأمثل لتسوية نهائية للنزاع. في هذه الأثناء، أرجئ إصدار تقرير «الرباعية» عن الوضع في الأراضي الفلسطينية، وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إن التقرير سيصدر «في الأيام المقبلة»، لافتة الى أنه «سيشرح الوضع على الأرض، وسيتضمن توصيات حيوية في ما ينبغي على الطرفين القيام به، وكيفية دعم المجتمع الدولي لهما».