خيمت مشاهد كارثة تلوّث خليج المكسيك على محادثات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والاتحاد الأوروبي مطلع الأسبوع في بروكسيل، واختلف الموقف بين دعوة الاتحاد إلى تشديد المراقبة على مشاريع الحفر في المياه العميقة ودعوة «أوبك» إلى «الحذر الشديد»، وعدم استباق نتائج الدراسات الجارية. وقال المفوض الأوروبي للطاقة غونتير اوتيرينغ إن كارثة خليج المكسيك «تثير تساؤلات خطيرة حول أعمال الصيانة ومخاوف الرأي من حدوث كارثة مماثلة في المياه الأوروبية». وتوفر منصات استخراج النفط في بحر الشمال جزءاً مهماً من حاجات السوق الأوروبية للنفط والغاز. وحاول الأمين العام ل «أوبك» طمأنة محاوريه الأوروبيين داعياً إلى انتظار نتائج التحقيقات الجارية. وقال عبدالله سالم البدري: أن «لا أحد يعلم ما جرى في خليج المكسيك حيث يقوّم الخبراء الوضع وليس في إمكان أحد القول بوجود تهاون» من قبل العاملين في حقل مؤسسة «بريتيش بتروليوم». وأضاف البدري أن «الحادث قد يكون نجم عن خطأ بشري وقد يعود إلى عاهة في تصميم البئر وعتاد الاستخراج، لذا يتوجب عدم القفز واستباق نتائج الدراسات الجارية والنظر حينها في الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الدول الأعضاء». وبينما تقترن يومياً سمعة مؤسسة النفط البريطانية بمشاهد أمواج الوحل النفطي واحتضار الطيور في خليج المكسيك، تدعو «أوبك» إلى «الحذر الشديد وعدم إدانة أية مؤسسة». ويخشى الأوروبيون من خطر حدوث كارثة بيئية في بحر الشمال حيث تنتشر عشرات المنصات النفطية. وتتميز المنطقة باضطراب أمواج البحر وارتفاعها في شكل شبه دائم، وهي ظروف لا تسهل عمليات الإنقاذ والصيانة. وشدد المفوض الأوروبي للطاقة على «وجوب أن تكون شروط السلامة وحماية البيئة من أولويات مشاريع الحفر في المياه العميقة»، ودعا أيضاً إلى أن «تخضع معايير السلام وحماية البيئة إلى تقديرات الربح التي تحددها مؤسسات النفط على انفراد». وتدرس الدول الأوروبية تداعيات كارثة خليج المكسيك على أسواق الطلب ومقتضيات حماية البيئة. وشدد المفوض غونتير اوتيرينغ على أهمية «وضع مراقبين لمشاريع الحفر في المياه العميقة». ورد عليه الأمين العام ل «أوبك» في المؤتمر الصحافي المشترك الإثنين الماضي، في بروكسيل بالحاجة إلى «جرد الممارسات السليمة وعدم القفز إلى الأمام والقيام باستنتاجات سريعة تستبق نتائج الدراسات الجارية». وغطت كارثة تلوث مياه خليج المكسيك على مباحثات الدورة السابعة للحوار بين الاتحاد الأوروبي و «أوبك». وشملت أيضاً وضع السوق العالمية للنفط وعلاقاته بجهود استعادة النمو في الدول الصناعية والأسواق الناشئة. لكن الكارثة البيئية التي تواجهها الولاياتالمتحدة لا تحول دون تقدم نشاطات مؤسسة «بريتيش بتروليوم» في تنفيذ مشاريع شبكات نقل الطاقة من آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز من ناحية والمتوسط من ناحية أخرى. وتمثل «أوبك» الموزع الرئيس للاتحاد الأوروبي. وتمثل الواردات من نفوطها 37 في المئة من إجمالي وارداته النفطية. وتشير التوقعات إلى تراجع موارد الاتحاد الداخلية من النفط والغاز واعتماده أكثر فأكثر في المستقبل على الأسواق الخارجية للتزود بمنتجات الطاقة. وقالت مصادر المفوضية إن الحوار بين الجانبين يهدف منذ انطلاقه في 2004 إلى تبادل وجهات النظر حول أوضاع سوق الطاقة بما يعزز الشفافية واستقرار الأسعار. ويجري الاتحاد من جهة أخرى حوارات منتظمة مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتعزيز التعاون الفني وتشجيع الاستثمار وتبادل الخبرات في مجال حماية البيئة. وتهدف الجهود الأوروبية إلى تعزيز طرق التزود بموارد الطاقة من أفريقيا والشرق الأوسط وروسيا إذ تعاني دول الاتحاد من تداعيات الخلافات المتكررة بين موسكو وجارتيها (أوكرانيا وبيلاروسيا) واللتين تمثلان طريق عبور منتجات النفط والغاز نحو وسط أوروبا وغربها. لذلك يعول الاتحاد الأوروبي على مشروع أنابيب «نابوكو» والشبكات الأخرى التي ستنقل نفوط بحر قزوين وآسيا الوسطى عبر كل من تركيا وجورجيا إلى السوق الأوروبية. كما ينتظر الاتحاد نضج الظروف السياسية في العراق لإبرام اتفاقية التعاون الثنائية وتشمل ضمن فصولها مجالات التعاون الفني في مجال الطاقة بما يساعد على تشجيع الاستثمارات الأوروبية في الحقول العراقية ومضاعفة الصادرات إلى أوروبا. ويؤكد الأوربيون أهمية الدور المحوري لتركيا في عبور منتجات الطاقة من إيران والعراق نحو أوروبا.