تبدو حديقة الإرادة «جنة» لذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة جدة، التي تضم نحو 150 ألفاً من هذه الفئة، فهذه الحديقة التي افتتحت قبل نحو عام، هي أول حديقة في جدة تُصمم ليرتادها ذوو الاحتياجات الخاصة، وعلى رغم أن المدينة تضم نحو 335 حديقة تزيد مساحتها على نصف مليون متر مربع، إلا أن ذوي الاحتياجات الخاصة باتوا يجدون صعوبة في ارتياد حديقة الإرادة، بعد أن أصبح الأصحاء يزاحمونهم عليها. وقد يلفت نظر المارة الشكل المختلف للأرجوحة، أو المسافات المتباعدة بين الألعاب، أو حتى شكل ابتسامات الأطفال الذين يلهون معاً في تلك الحديقة. ويسهل تمييز اختلاف حديقة الإرادة، والاهتمام بكل تفاصيلها بمجرد رؤيتها من بعيد عند المرور بهذه الحديقة الواقعة شمال مدينة جدة وتحديداً على طريق الأمير سلطان، التي أنشئت على مساحة 7700 متر مربع، وتغطي المساحات الخضراء منها 1200 متر مربع، وغرس فيها 160 شجرة و30 نخلة، و2000 شجيرة، والحديقة مزودة بنظام ري آلي. وسميت حديقة الإرادة بهذا الاسم لأنها أنشئت بهدف إدخال الفرح والسعادة على من قُدّر عليهم فقدان أحد أعضاء حركتهم الطبيعية، وحرموا من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، إذ إن الحديقة مهيأة ب30 جلسة وألعاب أطفال، إضافة إلى تركيب 50 عمود إنارة، و3350 متراً مربعاً من الأسفلت، وتوفير سلال مهملات ومسرح للعروض التعليمية والثقافية وجدارية للرسم، ومنطقة مفتوحة ذكية مزوّدة بشبكة «واي فاي» للإنترنت، وملعب تم تنفيذه بمواصفات خاصة، وأنشئ على مساحة 264 متراً مربعا، وتم إنشاء ممشى مطاطي (ربر) على مساحة 868 متراً مربعاً، وتزويدها بدورات مياه مهيأة أيضاً لذوي الاحتياجات الخاصة. وتعتبر «الإرادة» أول حديقة مخصصة بالكامل لذوي الاحتياجات الخاصة، التي تهدف إلى توفير متنفس عام لهم يسهم في اندماجهم في المجتمع، ويكسبهم الثقة ويعزز إرادتهم في المشاركة المجتمعية الفعالة. وراعت أمانة جدة فيها أعلى المواصفات الفنية والمتخصصة في تصميم الحديقة واختيار عناصرها بعناية فائقة. وقال عبدالله الشهراني (من ذوي الاحتياجات الخاصة) ل«الحياة»: «أسهمت الحديقة في خلق صداقات جديدة لي، ولعدد من ذوي الاحتياجات الخاصة من أقراني، فنحن لا نأتي إلى هنا من أجل الألعاب فقط، بل ليتمكن ذوو الاحتياجات من التعرف على آخرين مثلهم، ويشارك معهم في عمل التمارين». وأكد عبدالعزيز نجار (أب لطفلين من ذوي الاحتياجات الخاصة) أن الحديقة أصبحت الخيار الأول لأطفاله في اللعب والمرح، بعد أن كان يواجه صعوبة في محاولة قضاء وقت ممتع لهم في الحدائق العادية وغير المخصصة لهم، لما قد تسببه لهم من أضرار وصعوبة في الحركة والاستخدام أيضاً. إلا أن نورا محسن (والدة طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة) أبدت امتعاضها من زحام الحديقة بالأطفال العاديين الذين لا يعانون إعاقة، ومزاحمتهم ذوي الاحتياجات الخاصة في ألعاب وضعت من أجلهم. وقالت: «إن هذه الحديقة من أجمل الأشياء التي تسعد الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن يجب على أولياء أمور الأطفال الذين لا يعانون من إعاقات الذهاب بهم إلى الحدائق العامة الأخرى، لإتاحة الفرصة لذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصاً أنه لا يوجد لهم أماكن مماثلة كثيرة».