احتج عدد من المثقفين على تصريحات وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور أبو بكر باقادر، التي أدلى بها لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) حول تلقيه اتصالات كثيرة من مثقفين سعوديين، قبل أيام تلح على المشاركة في الأيام الثقافية التي ستقام في اليمن، الأمر الذي اعتبروه اتهاماً لهم بالاستجداء وطلب الوساطات. وأوضح هؤلاء ان تصريح باقادر يكشف عن غياب الآلية في اختيار المشاركين في الفعاليات الثقافية الخارجية بشكل عام، وأنه على المثقف كي يشارك، فلا بد من الاتصال بوكيل الوزارة، وهو أمر عده المثقفون مهيناً. وقال القاص والروائي فهد المصبح: «قد يكون التعبير خان الدكتور باقادر، حينما أراد أن يوضح لليمنيين حرص المثقفين السعوديين على زيارة اليمن والمشاركة بالنشاط الثقافي السعودي فيها، وهو أمر صحيح، لكن هناك ما هو أفضل منه». وضرب المصبح المثال للوسيلة التي يراها معقولة، ولا تنال من كرامة المثقف بقوله: «قد أقدم كتاباً لي إلى رجل مسؤول مثل باقادر، وأخبره بأنني مستحق للتجربة بناء على إبداعي وكتابتي، ولا أستغرب أن هذا يطلب ممن هو أقل من وكيل وزارة»، معبّراً بصراحة عن «كشف» باقادر للموضوع بهذا الأسلوب، وفي مطلع حواره مع صحيفة يمنية، مؤكداً أنه «أسلوب لا يفيد الساحة الثقافية السعودية ولا يفيد وكيل الوزارة، ولا يفيد السعوديين المشاركين ولا يفيد اليمنيين، وإذا كان يريد تعرية المثقفين أو إبداء رغبتهم في زيارة اليمن، فليكن هذا بطريقة خالية من التجريح». وأضاف: «أعتقد أنه يعرف جميع الذين دعاهم للأيام الثقافية، ولا يوجد منهم من يحتاج إلى وساطة ليختاره، وحتى قبل ضم الثقافة إلى وزارة الإعلام كانت هذه الأسماء معروفة، أما الآن فحتى المسؤول الأول كالوزير وغيره يسعون إلى التواصل مع المثقفين واختيارهم، فضلاً عن وكيل وزارة مكلف بهذا الشأن». وأوضح الروائي صلاح القرشي، وهو أحد المشاركين في الأيام الثقافية في اليمن، أن باقادر إنما كان يلمح إلى الذين طلبوا المشاركة ولم يتمكنوا منها، وأضاف: «لا أستطيع أن أعلق إلا عن نفسي، قد يكون زملائي استجدوا أو طلبوا المشاركة وهم يعرفون ما يدور خلف الكواليس، لكن بالنسبة لي ليست لي أية علاقة بأي أحد من المسؤولين لأنه لم تكن لي أية اتصالات ولا معرفة بأحد. حتى إن أغلب المشاركين التقيتهم في اليمن ولم أعرفهم». مشيراً إلى أنه يجب على المسؤول عن الاختيار أن يضع في اعتباره أن يشمل اختياره الجميع، وزاد: «وأنا سعيد أنهم اختاروني وأشكرهم، لأنهم أتاحوا لي زيارة بلد جميل كاليمن، على رغم أنه ليست لدي أي فكرة عن الطرق ولا الشفاعات، التي بذلت للوصول إلى هذا الأمر». والتمس القرشي «بعض العذر» لعدم قبول مشاركة جميع الذين يطالبون بالمشاركة على أساس أن «إيجاد آلية لذلك أمر صعب، نظراً لكثرة الكتاب والأدباء، واقترح أن تدار هذه الاختيارات بين المثقفين «لتشمل أغلب الموجودين في الساحة». وأبدى القرشي استغرابه من «أن يذهب الكاتب أو المثقف إلى الوزارة باحثاً عن واسطة، لأنه يجب عليه أن ينتظر أن يدعى لا أن يعرض نفسه، لأنه في الحقيقة يجب أن يكون أكبر من ذلك وإلا فهو شخص يحب الظهور ولا يحق له أن يدعى». وأكد الروائي أحمد الدويحي أنه لم يتقدم بأي طلب للمشاركة، وأضاف: «أؤكد لك أنني لم أستجد أو أقدم طلباً، كل ما هنالك أنه اتصل بي أحد المنسقين في وزارة الثقافة، وبعد ذلك هاتفني محمد باوزير». مشيراً إلى أن حديث باقادر حول هذا الموضوع «يعد إدانة له، لأنه يدل على أنه لا توجد آلية ولا استراتيجية لاختيار الأسماء السعودية». لكن الدويحي عاد واستدرك مستغرباً حصول مثل هذا الأمر، وقال: «بالنسبة لتجربتي الشخصية رأيت باقادر مرتباً وفاعلاً وخدوماً ومتواضعاً، ويتقرب من المثقفين ويسهل لهم كل ما يحتاجون إليه، والملحوظة الوحيدة التي كانت لي عليه كانت على معرض الكتاب المصاحب للفعالية، فلم يكن يمثل الوجه الثقافي للبلد، والسبب أن كل الكتب الإبداعية والثقافية نائمة في مستودعاتها». وقال: «كان في وفدنا الثقافي رجل كبير جداً، وهو الشاعر محمد الثبيتي، وعندما صعد إلى المنبر رمى عليه الضيوف بمسبحاتهم، فكيف نتصور أن مثل هذا الشخص يقدم استجداء». ويقول القاص سعيد الأحمد إن هناك بضعة أسماء «تحب الظهور ويمكن أن تطالب بخروجها»، لكنه يرى أن «الأخطر والأسوأ وبعيداً عن أخلاقيات المهنة، التي لا يمكن تجاهلها أن طريقة التنظيم تتم بشكل عشوائي ولا يتم اختيار حقيقي للمثقفين، فكون باقادر يوافق على 100 مثقف طلبوا المشاركة، فيما لا يحظى المثقفون الآخرون، الذين لم يتم اختيارهم، فهذا أمر غير مقبول». مضيفاً أن «هناك كارثة في الفكرة من أساسها». وأكد الأحمد «أن المسألة لا تخلو من التباهي أمام وسائل الإعلام اليمنية، ومحاولة ضمنية غير موفقة لإثبات أن المثقفين على اتصال شخصي به، وربما كمحاولة للمحافظة على بعض مكتسباته، بما أنه لم يحقق المأمول بدءاً من الاختيارات التعيسية في المناسبات الثقافية العربية السابقة وحتى في ألمانيا، إضافة إلى اختياراته في الترجمة وفي الكتب الصفراء التي تمثلنا في الخارج، فهذا قد يكون نوعاً من تلميع الذات للحفاظ على مكانة في التشكيل الوزاري الجديد». وزاد: «أعتقد أنه لو انتقينا من العشرات الذين اختيروا للمشاركة في هذه الأيام الثقافية ووصلوا إلى 15 مثقفاً فهو عدد جيد، والبقية محسوبيات وموظفون أو من هم في مرتبة الموظفين لدى باقادر، ودائماً ما يكون الموظفون أكثر من الممثلين للثقافة في كل الفعاليات الثقافية الخارجية».