عاد زعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان وحزبه إلى الحكومة ليتولى الإثنين المقبل وزارة الدفاع، وسط ترحيب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو وتحذير المعارضة من تصريحات ليبرمان وسلوكه، وقلق الفلسطينيين من حكومة «التطرف». وتطلق وسائل الإعلام الإسرائيلية على ليبرمان ألقاب «قيصر» و«راسبوتين» و «كاي جي بي»، في إشارة إلى سلوكه التسلطي وأصوله، حيث لا يزال لفظه للعبرية بطيئاً ويحتفظ بلكنة ثقيلة. وهو من مواليد مولدافيا السوفياتية عام 1957، وهاجر منها عام 1978 الى إسرائيل حيث عمل لفترة حارساً لناد ليلي. وقال نتانياهو في مؤتمر مشترك مع ليبرمان، إن توسيع الحكومة «سيحقق الاستقرار في الحكم لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا واستنفاد الفرص للسلام في المنطقة»، داعياً هرتسوغ الى الانضمام إليها، ومتعهداً «العمل من أجل الحفاظ على أمن مواطني إسرائيل، وسنقوم بذلك بكل عزيمة ومسؤولية»، ليرد ليبرمان متعهداً «انتهاج سياسة تتحلى بالاتزان والمسؤولية وتحقق الاستقرار في المنطقة ولدولتنا». وفهم مراقبون من إشادة نتانياهو بشريكه القديم- الجديد «الذي أعرفه منذ 30 عاماً وأعرف قدراته»، أنها تلميح إلى أنه أوضح لليبرمان أن تولي وزارة الدفاع تستوجب فعلاً الحذر في تصريحاته وسلوكه، مبيّناً أهمية دور قائد الجيش ورؤساء الأذرع الأمنية المختلفة في اتخاذ أي قرار. ورد ليبرمان باختصار مازحاً أنه أجرى «عملية جراحية لتطويل فتيل عقله»، أي التأني وعدم التسرع. ولفت مراقبون إلى أن ليبرمان لم يتطرق في تصريحاته إلى الشؤون السياسية، لكنهم أشاروا إلى أن نتانياهو سيبقى حذراً من السلوك «غير المتوقع للرجل». ورأى زعيم «العمل» سابقاً، القطب في «المعسكر الصهيوني» المعارض النائب عمير بيرتس، أن الاتفاق الائتلافي هو «تحالف بين أشد المتطرفين في الكنيست»، معتبراً أن «الكنيست، وربما الساحة الحزبية برمتها، تسجل فصلاً جديداً في تاريخها»، ملغياً احتمال انضمام «المعسكر الصهيوني» الذي يقوده إسحق هرتسوغ إلى الحكومة في المستقبل. ومع انضمام ليبرمان وحزبه (5 نواب)، ستصبح هذه الحكومة الأكثر يمينيةً في تاريخ إسرائيل، بوجود حزب المستوطنين القومي المتطرف «البيت اليهودي» (8 نواب) بزعامة الوزير نفتالي بينيت، وحزبي المتدينين المتزمتين «شاس» و «يهدوت هتوراه» (13 نائباً)، والحزب اليميني المعتدل «كلنا» (10 نواب) برئاسة وزير المال موشيه كحلون، بالإضافة إلى «ليكود» (30). وهكذا ستعتمد الحكومة الموسعة على قاعدة برلمانية من 66 نائباً (من مجموع 120). واعتبر مراقبون الاتفاق الائتلافي إنجازاً كبيراً لليبرمان أكبر بكثير من تمثيل حزبه البرلماني، إذ سيحصل الحزب أيضاً على حقيبة «الاستيعاب والهجرة»، فضلاً عن موازنات ضخمة لمصلحة المهاجرين من دول الاتحاد السوفياتي السابق التي هاجر منها ليبرمان نفسه، وعموم المتقاعدين في إسرائيل. في المقابل، تراجع ليبرمان عن شرطه فرض حكم الإعدام على فلسطينيين من الضفة الغربية يقتلون إسرائيليين، وذلك حيال معارضة المستشار القضائي للحكومة، وسيكون للمحاكم العسكرية فقط إصدار حكم بالإعدام شرط الحصول على موافقة غالبية القضاة. واعتبر أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أن «وجود الحكومة بهذه التركيبة ينذر بتهديدات حقيقية بعدم الاستقرار والتطرف في المنطقة»، وأشار الى أن عواقب هذه الحكومة ستكون «الأبارتايد (نظام الفصل العنصري) والتطرف الديني والسياسي». كما رأى الناطق باسم حركة «حماس» سامي أبو زهري، أن اختيار ليبرمان «يمثل مؤشراً إلى ازدياد حال العنصرية والتطرف لدى الاحتلال الإسرائيلي»، داعياً المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته. ويذكَر ليبرمان بتصريحاته المثيرة للصدمة ضد الفلسطينيين والعرب ودول الجوار، ومنها قوله عام 2015 إن العرب الإسرائيليين غير الموالين «يستحقون قطع الرأس بالفأس»، ووصفه الرئيس محمود عباس عام 2014 ب «الإرهابي الديبلوماسي»، ودعوته في سنوات الألفين، الى قصف السد العالي في أسوان لإغراق مصر إذا قدمت دعماً للانتفاضة، ووصفه نتانياهو عام 2016 بأنه «كاذب ومخادع ووغد». أما بالنسبة إلى قطاع غزة، فتأرجحت مواقفه بين الدعوة الى إطاحة «حماس» بواسطة القوة، وإعادة احتلال القطاع. ولا يؤيد ليبرمان «إسرائيل الكبرى» التي يدافع عنها لوبي المستوطنين، لكنه يعيش في مستوطنة «نوكديم» قرب بيت لحم، ويقول إنه على استعداد للانتقال الى مكان آخر في حال التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، على رغم انه يعتبر هذا الاحتمال غير واقعي. وهو لا يعارض إنشاء دولة فلسطينية، لكنه يطالب بتبادل أراض قد يؤدي إلى وضع قسم من الأقلية العربية تحت الإدارة الفلسطينية، في مقابل أن تصبح مستوطنات الضفة تابعة لإسرائيل، وهي فكرة يرفضها الفلسطينيون.