رام الله (الضفة الغربية) - رويترز - شهدت خشبة مسرح وسينماتك القصبة ليل السبت - الأحد نسختين مختلفتين لمسرحية «انتيغون» الإغريقية للكاتب اليوناني سوفوكليس والتي تتناول مسألة التمرد ضد نظام الحكم القائم. وقدم العرضان طلبة أكاديمية الدراما الفلسطينية وجامعة فولكوانغ الألمانية. وقال اديوالي اديبيسي مخرج النسخة الألمانية للمسرحية إن «الاختلاف في العرضين يعود الى الاختلاف في الاهتمامات. الفلسطينيون اهتموا كثيراً باستخدام لغة الجسد في تقديم جزء من الواقع السياسي الذي يعيشونه، فيما انصبّ التركيز في العرض الألماني على القضايا الإنسانية والتركيز أكثر على اللغة». وتعالج مسرحية «انتيغون» مسألة التمرد ضد نظام الحكم من خلال صراع بين «انتيغون» المرأة التي ترفض قرار الملك كريون، بعدم دفن أخيها لأنه بحسب الملك لا يستحق أن يعامل بكرامة ويدفن إذ يمثل الشر. فيما يسمح بدفن أخيه الآخر الذي قتل معه لأنه يمثل الخير. كما تتضمن المسرحية حديثاً عن قصة حب بين أنتيغون وابن الملك. وتستعرض المسرحية دور العرافين في ذلك الزمان وعلاقتهم بالحكام الذين يؤمنون بما يقولونه لهم. وشاهد الجمهور ديكوراً مختلفاً في العرضين استخدم في النسخة الفلسطينية سوراً خشبياً وجداراً من النايلون، وممراً يشبه النفق استغله الممثلون في أداء بعض الحركات، فيما اكتفى الألمان باستخدام مجموعة من المقاعد الخشبية فقط. وكتب فولكمار كلاوس مدير قسم التمثيل في جامعة فولكوانغ في نشرة عن المسرحية «خضع هذا العمل على مدى عصور الى تنوع واسع من الأداء المسرحي، فقد تفاوت التركيز على المواضيع السياسية والدينية والعرقية وفقاً لزمان ومكان العرض». ويضيف: «ربما كانت المسرحية تعود الى الماضي السحيق، الا انه وأينما تواجد المسرح يبقى الحاضر حاضراً لا يحتمل في ذلك استثناء. فالصراعات الأساسية التي تقوم عليها «أنتيغون» بقيت عبر التاريخ تلبس ثياب الجديد وهذا ما يصنع جودة العمل الكلاسيكي». وقدم سبعة طلاب بينهم طالبتان من أكاديمية الدراما على مدار ساعة العرض المسرحي الفلسطيني الذي استخدمت فيه تقنية «الفيديو آرت». وجاءت خلفية المسرح على شكل شاشة عرض كبيرة، يظهر من خلالها الملك وهو يلقي احدى خطبه. كما كانت تبث صوراً للأزهار عند الحديث عن الحب، وصوراً اخرى لأسماك في مشاهد أخرى. والموسيقى إضافة الى لغة الجسد ومشاهد عنف لم تتضمنها النسخة الألمانية. وقالت الطالبة أميرة حبش التي جسدت دور بطلة المسرحية «أنتيغون»، «قدمنا العرض بأسلوبنا ونعكس ما نعيشه من واقع وما فيه من عنف ضد المرأة ومن أوضاع سياسية صعبة وانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وما يصدر من قرارات من الحكام». وأضافت «لبسنا الزي الحديث في العرض المسرحي لأننا أردنا أن يعكس الواقع». وعلى مدى شهرين تدرب الطلاب في شكل مكثف على هذه المسرحية التي أخرجت نسختها الفلسطينية المخرجة التونسية خولة الهادف قبل تقديم مجموعة من العروض المسرحية في رام الله ومدينة بوخوم الألمانية. وكتبت خولة التي لم تحضر العرض لوجودها في تونس، «اذا كانت مسرحية «انتيغون» تحمل مواجهات عديدة بين مفاهيم مختلفة، فإن المواجهة التي نقوم بها تتمثل في وضع هذا النص الكلاسيكي في فضاء خيالي تنبع عناصره من تفاصيل حياتنا اليومية... نحاول صياغة لغة مسرحية ذات خيارات وأبعاد فنية واجتماعية وأخلاقية وسياسية متعددة». وتأسست أكاديمية الدراما الفلسطينية قبل سنة تقريباً بالتعاون مع جامعة فولكوانغ الألمانية. ويدرس فيها 12 طالباً وطالبة أنهوا سنتهم الدراسية الأولى. ومن المتوقع أن ينضم اليها عدد مماثل بعد انتقال هؤلاء الطلاب والطالبات الى السنة الثانية من دراستهم التي تمتد الى ثلاث سنوات. وقال المخرج والممثل الفلسطيني جورج ابراهيم رئيس الأكاديمية «مع هذا العرض الأخير لهذه المسرحية التي قدمت عروضاً أخرى في ألمانيا تكون قد أنهت مهمتها في تعليم الطلاب وسيكون عرضنا القادم احدى مسرحيات شكسبير العالمية». وأضاف: «خلال عرض المسرحية في ألمانيا حيث كانت تترجم الى اللغة الألمانية كما ترجم العرض الألماني الليلة الى اللغة العربية، حظي الطلاب بإعجاب شديد من الجمهور الألماني الذي وقف وصفق طويلاً بعد العرض». ويرى ابراهيم أن هناك مجموعة من الطاقات والإبداعات بين طلبة الأكاديمية الذين سيكون لهم حضورهم في المسرح الفلسطيني.