دراسة مجانية ومركز اجتماعي ووظيفة مساعد قضائي، جميعها امتيازات يحصل عليها الطلبة الملتحقون ببرنامج «قضاة المستقبل» في الأردن والبالغ عددهم 166 سيشكلون فور تخرجهم الرافد الرئيسي للسلك القضائي في المملكة. وبالنسبة الى الطالبة فرح عفانه يعتبر البرنامج بمثابة «فرصة العمر»، فتجد فرح، وهي في سنتها الجامعية الثانية أن اجتياز مراحل البرنامج مشوار طويل لا ينفع معه التراخي في المذاكرة. فهو يبدأ من دراسة الحقوق في الجامعة الأردنية ومن ثم الحصول على درجة الماجستير في إحدى الدول الأوروبية وانتهاء بسنتين دراسة في معهد القضاء. الفصل الصيفي بالنسبة الى طلبة البرنامج ليس للاسترخاء فالنشاطات اللامنهجية والدورات التي يتضمنها البرنامج تحتم على الطلبة المنتفعين التفرغ واكتساب ما يلزم من المهارات والتطبيقات القانونية. وتَحتسب فرح عمرها عند انتهاء الدراسة فتخرج برقم 27. تقول: «في هذا العمر سأصبح مساعداً قضائياً، ولطالما كانت أمنيتي أن أعمل في السلك القضائي». البرنامج يستقطب الطلبة المتفوقين ضمن 3 مسارات: الأول لخريجي كليات الحقوق في الجامعات الرسمية لغايات ابتعاثهم لدراسة الماجستير في القانون في الجامعات الأجنبية العريقة ومن ثم في المعهد القضائي الأردني. والثاني يتضمن استقطاب أوائل طلبة كليات الحقوق في الجامعات الرسمية وهم على مقاعد الدراسة لابتعاثهم لاستكمال شهادتهم الجامعية «البكالوريوس» في القانون . أما المسار الثالث فيركز على الطلبة الأوائل والمتفوقين في امتحان الشهادة الثانوية العامة من أمثال فرح لحضِّهم وتشجيعهم على دراسة الحقوق ضمن برنامج قضاة المستقبل. غدير القراقزه تخرجت في الثانوية العامة بتقدير ممتاز، ولكن خاب أملها بالالتحاق بكلية الطب لأن معدل 94 الذي أحرزته لم يؤهلها لدراسة الطب. عندما وقع نظرها على إعلان برنامج «قضاة المستقبل» فكرت ملياً بالامتيازات ووجدت فيها فرصة لا تفوت فالتحقت به على الفور. وتصف غدير وهي في السنة الثانية من دراستها الجامعية النشاطات اللامنهجية التي يوفرها بأنها تميز الطالب عن زملائه في كلية الحقوق فتخلق جواً من المنافسة . غدير انتظمت في الدراسة في الفصل الصيفي الحالي، وبعدما تُنهي محاضراتها تتجه على الفور إلى المركز البريطاني لتلتحق بدورة لغة انكليزية وهي من ضمن خطة البرنامج، وتقول: «اكتساب اللغة سيسهل علينا الدراسة عندما نُبتعث إلى الخارج». وتشير إلى أن البرنامج يوفر للطلبة زيارات لقصر العدل والطب الشرعي والبحث الجنائي، كما يُسمح لهم بحضور جلسات المحاكمة وجميع تلك النشاطات تهدف إلى الكشف عن أهمية القضاء. ويستقطب البرنامج الطلبة المتفوقين والكفاءات المميزة للالتحاق بالسلك القضائي ، إذ يوضح وزير العدل الأردني ايمن عودة في مقابلة أجرتها «الحياة» أن الوزارة استطاعت من خلال البرنامج أن تفلح في استقطاب أوائل طلاب الثانوية العامة لدراسة القانون بعد أن كان هذا التخصص يأتي كخيار ثالث أو رابع لدى اختيار الطلبة للتخصصات الجامعية . وقال: «غالبية الطلاب من ذوي المعدلات العالية يتجهون نحو الطب والهندسة، وكان غائباً عنهم خيار دراسة القانون، إلا أن الوزارة وضعت من الامتيازات ما يكفي لاستقطابهم مع التشديد على أن يحافظ الطالب المنتسب للبرنامج على مستوى متميّز من الأداء الأكاديمي». وبيّن عودة أن على الطلاب أن يحافظوا على معدل جيد جداً وهو ما يحفزهم على تطوير أدائهم وتحصيلهم العلمي. ويحظى البرنامج باهتمام مباشر من العاهل الاردني عبدالله الثاني، ويوضح عودة أهميته لما له من آثار في رفد المناصب القضائية والقانونية الرسمية بالمرشحين المتميزين والمؤهلين خلال السنوات المقبلة. ويشير عودة إلى أن خريجي البرنامج سيعملون في سلك القضاء والنيابة العامة وإدارة قضايا الدولة. ويقول: «لم يسبق أن نفذ هذا البرنامج في أي من الدول العربية وجاءت فكرته تلبية لتوجهات الملك الذي شدّد في تكليفه السامي على أهمية وضع برامج التطوير القضائي خصوصاً أن القاضي يشكل العامل والعنصر الأساس في تطوير أداء جهاز العدالة وزيادة فاعليته». ولفت عودة إلى أن أول دفعة تم استقطابها في عام (2007/2008) الدراسي كانت تتطلب من الوزارة بذل جهود كثيرة حيث كان القائمون عن البرنامج يتوجهون إلى المدارس ويتصلون بأهالي الطلبة المتفوقين على مستوى المملكة لشرح البرنامج لهم وبيان مزاياه. ويقول عودة أن تكلفة تدريس الطالب تتحملها الوزارة فضلا عن البعثات إلى جامعات في بريطانيا واميركا وفرنسا، فيما ينتظر منصبٌ قضائي الشاب فور تخرجه. ويلتحق الطلاب خلال سنوات دراستهم بدورات لتعلم اللغة الفرنسية والانكليزية وبنشاطات لا منهجية منها زيارات للمحاكم ومتابعة الجلسات من اجل صقل شخصية الطالب واكسابه المزيد من المهارات. وبعد تخرجهم ضمن المسارات الثلاثة يلتحقون بالمعهد القضائي الأردني لمدة سنتين حيث يتلقى الطالب خلالهما مواد تخصصية بالقانون وتطبيقات قانونية وما أن يتخرج تعينه الوزارة في وظيفة مساعد قضائي . ويوضح عودة ان البرنامج استدعى من الوزارة توفير إطار تشريعي فتم سن نظام جديد للمعهد القضائي ونظام للبعثات العلمية في وزارة العدل فضلا عن إجراء تعديلات في قانون استقلال القضاء.