في قاعة المؤتمرات في «جامعة الروح القدس الكسليك»، شمال بيروت، حطّت اللغة الفرنسية رحالها في تظاهرة ثقافية هدفت بالدرجة الأولى الى تأمين «الصيانة» اللازمة للغة تسعى لتثبيت مكانتها العالمية في نطاق الأبحاث الجامعية. المناسبة هي المؤتمر الرابع لرؤساء الجامعات الفرنكفونية في منطقة الشرق الأوسط CONFREMO، ونوعية الحضور تعكس أهمية هذا اللقاء الجامع. رعاية رئاسية بحضور ممثل رئيس الجمهورية اللبناني، رئيس مجلس إدارة الوكالة الجامعية للفرنكوفونية ايفون فونتان، رئيسة مؤتمر «كونفرمو» ورئيس جامعة الإسكندرية هند حنفي، المدير الإقليمي للوكالة الجامعية الفرنكوفونية اوليفيه غارو، رؤساء جامعات، وسفراء وفاعليات... وتميّز المؤتمر بمشاركة وفود فرنكوفونية من 15 بلداً: كندا، قبرص، جيبوتي، مصر، فلسطين، سويسرا، الإمارات العربية المتحدة، فرنسا، العراق، إيران، الأردن، لبنان، باكستان، سورية، اليمن. رئيس «جامعة الروح القدس» الأب هادي محفوظ رأى في المؤتمر «مثالاً لعالمنا الحالي، حيث اللقاء والحوار بين الحضارات والثقافات أمر حتمي، ومن أفضل طرق إثراء الإنسان». وبدا أن هاجس تعزيز الصلة مع «لغة حقوق الإنسان» كان الحاضر الأكبر في كلمات ونقاشات المشاركين في المؤتمر، أما المظلة الأساسية فتكمن في صورة التضامن حول اللغة الفرنسية بهدف الحفاظ على موقعها كلغة رسمية في البحوث الجامعية في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، مع العلم ان هذه اللغة هي واحدة من اللغات الرسمية الست المعتمدة في منظمة الأممالمتحدة واللغة الرسمية في العديد من المنظمات الدولية. يذكر ان مؤتمر رؤساء الجامعات الفرنكوفونية في منطقة الشرق الأوسط أبصر النور في حلب (سورية) عام 2007 برعاية الوكالة الجامعية الفرنكوفونية، وهي منظمة غير حكومية إقليمية تضم رؤساء الجامعات، ومدراء المؤسسات الجامعية في الشرق الأوسط المنتمية الى «الوكالة». والمؤتمر يعمل بالشراكة مع مناطق أخرى على تحديد الحاجات والتوجهات ذات الأولويات في المنطقة في مجال التعليم العالي والبحوث الجامعية. الجامعة باب للاقتصاد وتقول جيلنار مالك مسؤولة CONFREMO في الوكالة الجامعية الفرنكوفونية ان «المؤتمر يعقد للمرة الثانية في لبنان، بعد انطلاقته في حلب وانعقاده لاحقاً في بيروت (البلمند) ثم الإسكندرية، وهذه السنة في «جامعة الروح القدس - الكسليك». وفي كل مرة يلتقي رؤساء الجامعات الفرنكوفونية يقرّرون سياسات ومشاريع السنوات المقبلة». وتوضح مالك «ان المؤتمر تضمن نقاشاً حول الجامعة وعلاقتها بالعالم الاقتصادي ودور الجامعات في التنمية، تحت عناوين عدة منها «الجامعة والشراكة: الرهانات» ودور الجامعة في التنمية و «الجامعة في الشرق الأوسط، فاعل اقتصادي: التحديات والفرص والأخطار»، مؤكدة «مدى انعكاس هذه النقاشات ونتائجها على سوق العمل لدى الشباب والطلاب». وتليت في المؤتمر شهادات لبعض الجامعات في الشرق الأوسط، اذ أشارت هند حنفي رئيسة جامعة الإسكندرية الى «المؤتمر الثالث الذي عقد في الإسكندرية السنة الماضية وتناول العلاقة بين الجامعات في الشرق الأوسط لمواجهة تحديات العولمة وتعزيز التعاون مع العالم المهني». وأكدت حنفي «ان هذه المؤتمرات أدت الى بلورة مشاريع مهمة كالمساهمة في إعادة بناء النظام الجامعي في هاييتي ومشروع الأرشيفات المفتوحة في الشرق الأوسط لتدعيم البحوث الجامعية وتشكيل مرصد إقليمي للتدريب والتوظيف والمهن في الشرق الأوسط». وشدّد رئيس مجلس إدارة الوكالة الجامعية للفرنكوفونية ايفون فونتان «على ضرورة تعزيز اللغة الفرنسية في الجامعات»، مشيراً الى دور الوكالة في الشرق الأوسط والمكاتب الإقليمية الأعضاء والمشاريع العلمية المنفذة. والوكالة الجامعية الفرنكوفونية هي تجمّع عالمي للجامعات الفرنكوفونية يهدف الى إقامة الروابط بين الجامعات الناطقة باللغة الفرنسية. وقد تأسست الوكالة قبل 50 سنة في مونتريال، وتضم 728 مؤسسة جامعية في 88 بلداً موزعة على القارات الخمس، بما في ذلك 53 عضواً في المنظمة الدولية للفرنكوفونية، وهي متواجدة على مستوى 67 هيئة ملحقة بتسعة مكاتب. ومنذ العام 1989 أضحت الوكالة عنصراً فاعلاً في الفرنكوفونية المؤسساتية، وهي شريك مؤسسات التعليم العالي والبحث التي اختارت اللغة الفرنسية لغة للتعليم، وتضع بمتناولها برامج تعاون عديدة ترمي في شكل خاص الى دعم البحث والتعليم باللغة الفرنسية. كما انها ماضية في تدريب الأشخاص المحترفين المؤهلين للمساهمة في تطوير بلادهم اذ تقدّم اكثر من 2000 منحة تعليمية سنوياً. وتدعم الوكالة استراتيجيات التنمية الخاصة بالجامعات الأعضاء، وبإعداد جيل جديد من المدرّسين والباحثين والخبراء والمحترفين في الميدان التنموي، وبتشجيع الأسرة العلمية الفرنكوفونية لكي تصبح مرجعاً دولياً تساهم في مواجهة التحديات العالمية كالتغيرات المناخية، والفقر، والزراعة، والأمن الغذائي وغيرها.