لا يمكن تأكيد مقولة «لا يوجد دور صغير ودور كبير بل يوجد ممثل صغير وممثل كبير»، بمثال أوضح من الفنّان السوري أحمد الأحمد الذي لا يدع مشاركته أو بطولته في أي عمل درامي، تمر مرور الكرام أو من دون صنع كراكتير خاص يشكل الأساس في بناء الشخصية، بخاصة في الكوميديا، محققاً بالشكل والأداء قاعدة انطلاق التمثيل من العقل إلى العقل ومن ثم إلى القلب. تؤكد شخصيات «بسّام» و «دبرها» و «سمعان» و «مهران» وغيرها في أعمالٍ للأحمد، أن وجوده علامة فارقة على الشاشة. يخفت النور قليلاً بسبب تغيير الإضاءة في موقع تصوير مسلسل «الندم»، حيث تلتقي «الحياة» الأحمد، فيطرح الحادث الذي يشابه ما يمر به الممثل السوري من نجوميةٍ أقل من حضوره ومجهوده، السؤالَ الأول في المقابلة. يجيب الأحمد: «أؤكد أن حجم الدور لا يغريني، بل تعنيني جودته، في «الخربة» لم تتعد مشاهدي المئة، ولكن «في المفتاح» مثلاً قدمت بطولة كاملة، ولكن ظرف التسويق منع الناس من رؤية ذلك، التقصير ليس مني. تكررت هذه الحالة في «ضبوا الشناتي» وغيره. ويضيف متسائلاً: «ما الذي يجب أن أفعله؟ لا أنافس احداً على مكانته فالساحة تتسع للجميع، انا اسعى فقط لأخذ مكانتي الطبيعية، وإن لم أدركها تسويقياً، ولكن فنياً هي محفوظة لأنني امتلك اوراق اللعبة، لديّ الكثير لأقدمه والمشكلة في من لا يرى ذلك». ويرى الأحمد أن انغماسه في الكوميديا لربما هو الاحتمال «التراجيدي» الأول، معتبراً أن النظرة إلى التراجيديا تتعالى على نظيرتها في الدراما للأسف. «لو كنت أجسّد أدواري بمنطق غير كوميدي، لو كانت بطولاتي كلها تراجيدية، لكان الوضع اختلف ربما. وهذه مشكلة حقيقية في الرؤية لدينا»، ويتابع موضحاً بأبعاد واقعية: «العمل الكوميدي عند كتابته تبيعه بليرة والتراجيدي تبيعه بعشرة. المشكلة في التعاطي مع هذا الفن، انه إذ لم نهتم به جميعاً سيضيع منا، انا سأطفش من الكوميديا اذا استمر التعامل معها باستخفاف، هذا الفن عظيم ومحترم في كل العالم إلا عندنا. الأن الأولوية للانواع الأخرى على حساب الكوميديا، من يضحك الناس ليس أقل شأناً ممن يبكيهم». وفي هذا السيّاق، يشارك الاحمد في بطولة العمل الكوميديّ السوري الأبرز لموسم رمضان المقبل، «الطواريد» من انتاج شركة «كلاكيت»، وإخراج مازن السعدي وكتابة مازن طه. يُشدّد على وصفه ب «الفانتازيا البدوية، وهو نوع من الكوميديا بعيد تماماً عن العمل البدوي المعتمد على واقعية الفضاء الدرامي». ويؤدي شخصية «مهاوش» شقيق «خلف»، الرضيعين اللذين يعثر عليهما «طرود» زعيم القبيلة قبل 30 عاماً، ويأمر برعايتهما كما يأمر نساء القبيلة بإرضاعهما، وبسبب شراهتهما، يرضعان من كل النساء، ما يجعلهما إخوة بالرضاعة لجميع بنات القبيلة ما عدا «وضحة»، فيشكل تنافسهما على حبّها حاملاً للمواقف المضحكة». ويضم هذا العمل إلى جانب الأحمد الممثلين السورييّن محمد حداقي وقاسم ملحو اللذين يقفان معه في خانة النجوم التي يبتعد عنها «ضوء التسويق» على رغم جدارتها الفنيّة العالية. ويستشهد الأحمد ب «الطواريد» لتأكيد ندرة الأعمال الكوميدية، مع تأكيده عدم تحيزه لنوع درامي على حساب آخر: «يجب تقديم الكوميديا في شكل أكبر، ولو كانت خفيفة، وأوضح اني ضد استخدام مصطلحات العمل الخفيف كإهانة والعمل الثقيل كتفخيم. في الكوميديا هناك انواع، الكوميديا لأجل المتعة فقط من دون أي شيء آخر، للشعور بالارتياح، بلا هدف مطلق، هناك شيء اسمه التهريج في الحياة، وهو فن اتمنى ان ننجح به. كل نوع بأهمية الآخر نفسها، والمشاهد يحتاج كل الانواع». يعود الضوء قوياً إلى موقع التصوير فتظهر ملامح شخصية «سهيل» التي يجسّدها الأحمد في بطولة «الندم» العمل الذي يعكس الأزمة السورية بطريقة خاصة من خلال قصة يكتبها كاتب سوريّ عن عائلته، من انتاج شركة «سما الدولية» وتأليف حسن سامي يوسف وإخراج الليث حجّو. يكشف تفاصيل الدور قائلاً: «هو الابن الأوسط في عائلة أبو عبدو الغول. شخصية اشكالية، ما الذي دفعه الى ترك البلد؟ كم الألغاز في الشخصية تظهر متعتها، المشاهد سيقع في حيرة كما وقعنا نحن اثناء التنفيذ، فما الذي دفعه الى ترك بلده وكل العزّ بصورة سوداوية، ولا توجد ابداً نسبة كوميديا في الدور، الشخصية مأسوية وتراجيدية جداً». ويختم حديثه عن العمل المهّم لهذا الموسم: «من لن يشاهد مسلسل «الندم»، سيندم!».