انطلقت مساء أمس أعمال قمة مجموعة ال20 في تورنتو، بحضور أبرز قادة العالم، بعد ساعات من انعقاد اجتماعات اليوم الثاني من قمة الثماني للدول الصناعية الكبرى. وسيطرت القضايا الاقتصادية والسياسية بدلاً من قضايا دعم التنمية في الدول النامية، على الاجتماع الذي يجمع قادة الدول العشرين الأكبر اقتصادياً على مستوى العالم، إذ احتلت الصدارة مسائل مثيرة للخلاف مثل تقليص الديون الحكومية المتراكمة وتنظيم عمل البنوك وقيمة العملة الصينية اليوان. وسجل الرئيس البرازيلي لويس لولا دا سيلفا نفسه الغائب الوحيد عن الاجتماع بسبب الفيضانات التي ضربت بلاده أخيراً. وفرضت القضايا الاقتصادية نفسها أولوية على طاولة القمة بعد الركود الاقتصادي العالمي، في ظل خلافات بين الزعماء بشأن أفضل السبل لحماية التعافي. ولا تزال البطالة مرتفعة في معظم الاقتصادات المتقدمة في حين يتباطأ النمو منذ أواخر العام الماضي. ويعتقد رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ بحسب ما نقلته صحيفة «تورنتو ستار» على لسانه «أن الاقتصاد العالمي يواجه عدداً من أوجه عدم التيقن (...) مع خروجه تدريجياً من الكساد العميق أو الركود العميق واجهنا أزمة منطقة اليورو وأزمة الديون السيادية». وتضع أوروبا في حسبانها تسليط الضوء على خفض الموازنات لاستعادة الثقة. في المقابل تريد الولاياتالمتحدة من العالم تعزيز الطلب المحلي وعدم الاعتماد على استهلاك الأميركيين كملاذ أخير. وقال سينغ: «إن استجابة السياسة الأوروبية ستكون «عاملاً رئيسياً في تحديد طريقة تطور الاقتصاد العالمي». وسيحث رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر في وقت لاحق زملاءه في مجموعة العشرين على التعهد بخطوات إضافية لدعم التعافي لكنه أشاد أيضاً بجهود بريطانيا الباكرة لمعالجة تفاقم عجز الموازنة». وأضاف ديميتري سوداس المتحدث باسم هاربر للصحافيين: «إن رئيس الوزراء سيشيد خلال عشاء عمل لافتتاح قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها كندا أمس (السبت) واليوم (الأحد) بالتقدم الذي تحقق على صعيد تنفيذ التعهدات التي صدرت عن القمم الثلاث السابقة». وأضاف: «كما سيشير رئيس الوزراء إلى أنه إذا كان لمجموعة العشرين أن تصبح المنتدى الاقتصادي الدولي الرئيسي، فإنه سيتعين عليها اتخاذ خطوات إضافية لحماية التعافي وتفعيل نمو قوي ومستدامٍ ومتوازن». ويترقب العالم ما ستسفر عنه القمة بعد أن كان «النمو المتوازن» هو كلمة السر عندما عقد زعماء مجموعة العشرين اجتماعهم السابق في بيتسبرغ في أيلول (سبتمبر). واتفقت الدول حينها على العمل معاً لمعالجة الاختلالات التجارية التي تهدد الاقتصاد العالمي. وتوجد الصين التي يعتمد اقتصادها على الصادرات في محور جدل إعادة التوازن. وتريد الولاياتالمتحدة أن تسمح الصين لعملتها اليوان بالارتفاع على نحو أسرع من أجل كبح الصادرات في حين تعهدت الولاياتالمتحدة بتقليص اعتمادها على الاقتراض كمصدر لتمويل الإنفاق. وبدا توقيت إعلان الصين المفاجئ قبل أسبوع بأنها ستخفف قبضتها عن «اليوان» مقصوداً لنزع فتيل المناقشات داخل مجموعة العشرين. وكانت الصين قالت في وقت سابق هذا الشهر إن سعر صرف عملتها هو مسألة سيادية ولا مجال لبحثه داخل مجموعة العشرين. وأبلغ بعض المسؤولين رويترز أن بكين أرادت عدم ذكر اليوان في البيان الرسمي الختامي للقمة حتى ولو في معرض تعليق إيجابي. وقال مسؤول: «جرت مناقشة الأمر من زاوية الترحيب بالتحرك (...) الصينيون أرادوا عدم الإشارة إليه ولا يوجد في النص ما يحثّ على رفع حقيقي لقيمة العملة». وفي حين هيمنت المسائل الاقتصادية على النقاش يعتزم قادة العالم أيضاً بحث القضايا الأمنية العالمية مثل كوريا الشمالية. وتدرس مجموعة الثماني توجيه انتقاد حاد لكوريا الشمالية التي تتهمها كوريا الجنوبية بإغراق سفينة حربية في آذار (مارس) مما تسبب في مقتل 46 بحاراً. وأبلغ مصدر بمجموعة الثماني رويترز أن المجموعة قد تصدر بياناً «يشجب» تصرفات كوريا الشمالية. قال مصدر بمجموعة العشرين أمس (السبت) إن بيان المجموعة سيركز على الاقتصاد والتنظيم المالي وإصلاح المؤسسات الدولية ولن يتضمن توصيات لكل دولة على حدة. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر في مجموعة العشرين إنه سيكون هناك اتفاق عام على خفض مستويات العجز لكن الدول تستطيع العمل بالإيقاع الذي يناسبها مما يسمح لدول مثل الولاياتالمتحدة بالإبقاء على إجراءات التحفيز. لكن كندا الدولة المضيفة للقمتين، لفتت إلى غياب وجود اتفاق بين دول مجموعة الثماني بشأن استحداث رسم على المصارف، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن كل دولة ستبقى حرة في استحداث وتطبيق هذا الرسم أم لا. وأعلن لن ادواردز أبرز مفاوض كندي في مجموعة الثماني في مؤتمر صحافي «لم يتم التوصل إلى اتفاق حول رسم مصرفي شامل». وكانت مجموعة العشرين كلفت صندوق النقد الدولي تقديم مقترحاته في هذا الشأن، انقسمت أخيراً حول جدوى فرض مثل هذا الرسم والطريقة التي ينبغي أن يعتمدها القطاع المالي «لضمان إسهام عادل وجوهري يحمله على دفع الكلفة الناجمة عن عمليات تدخل الدول لإصلاح النظام المصرفي»، وهذه هي نقطة الانطلاق. تقول مسودة بيان لمجموعة العشرين اطلعت عليها رويترز أمس (السبت) إن للدول خيار فرض ضريبة مصرفية لتمويل عمليات الإنقاذ في المستقبل لكن بعض الدول لا يبحث هذا الأمر. وتقول مسودة البيان التي تسربت بحسب وكالة رويترز: «تعبر مجموعة العشرين عن دعمها لقيام القطاع المالي بإسهام عادل وملموس تجاه سداد أي أعباء تتعلق بالتدخلات الحكومية متى كانت لإصلاح النظام المالي». وتشير إلى أن «بعض الدول يعمل على فرض ضريبة مالية. دول أخرى تسعى لأساليب أخرى».