يحاول المسؤولون العراقيون السباق مع الزمن لايجاد حلول لمشكلة الكهرباء لامتصاص غليان الشارع الذي يستعد لموجة ثانية من التظاهرات اليوم السبت. وأعلن وزير الكهرباء بالوكالة وزير النفط حسين الشهرستاني قطع خطوط الطوارئ عن منازل المسؤولين في المنطقة الخضراء واضافة 250 ميغاواط الى الشبكة، بعد يوم من دعوة رئيس الجمهورية جلال طالباني الى «معالجة ملف الخدمات وانهاء معاناة العراقيين». وتنتهي المهلة التي حددتها الحكومة للمخالفين اليوم، فيما تستعد السلطات لشن حملة واسعة لانهاء التجاوزات، وسط الاحتجاجات الكبيرة. وعلى رغم النجاح النسبي للسلطات في تقليل ساعات قطع التيار الا ان ذلك لم يثن العراقيين عن مواصلة احتجاجاتهم على تردي الخدمات وتأزم الوضع السياسي، بعد مرور 108 ايام على الانتخابات التشريعية التي أجريت في 7 آذار (مارس) الماضي، من دون ان يلوح في الافق اتفاق بين الكتل السياسية على تشكيل حكومة تضطلع بتحسين الخدمات واعادة الاستقرار الى البلاد. وفي أول تصريح بعد انطلاق التظاهرات، ومواجهتها بالاسلحة والرصاص الحي، كما حصل في البصرة والناصرية، انتقد الرئيس جلال طالباني ضمناً الحكومة، مقراً بحق العراقيين في «التظاهر للمطالبة بتحسين الخدمات». ودعا في بيان مساء أول من أمس الى «معالجة سريعة للملف وانهاء معاناة العراقيين». وقال إن «التعبير عن الرأي حق يكفله الدستور، والتقصير في توفير الكهرباء يشكل عبئاً على المواطن»، مشدداً على «ضرورة التعاطي بحكمة مع الملفات الساخنة وعدم استثمار المشاكل ومفاقمتها بل مساهمة الجميع في حلها باعتبار انها مسؤولية مشتركة». ورأى ان «التقصير الحاصل في توفير الكهرباء والخدمات الأخرى يؤشر إلى خلل في الأداء والتنفيذ ويتطلب معالجات سريعة وناجعة لهذه الملفات الساخنة». وحمل طالباني مسؤولية نقص الخدمات وترديها الى السلطتين التنفيذية والتشريعية، لافتاً الى ان «المرحلة المعقدة الراهنة تتطلب من القيادات السياسية الإصغاء إلى صوت الجماهير ومطالبها المشروعة، كما تقتضي من هذه القيادات أن تعي خطورة الظرف الذي يكتنف العملية السياسية وتساهم في معالجة المشكلات وليس مفاقمتها أو استثمارها، وأن تضع في حساباتها أن أعداء العملية السياسية يتربصون بها ويتحينون الفرص لاستغلال الثغرات لتعطيلها». ودعا «القوى السياسية الى الإسراع في استكمال الخطوات الدستورية لانتخاب الرئاسات الثلاث وتشكيل مجلس الوزراء والشروع في العمل المشترك من أجل إنهاء معاناة المواطنين». بدوره أعلن الشهرستاني زيادة في انتاج الطاقة بمقدار 250 ميغاواط. وقال في مؤتمر صحافي أمس انه «تم قطع خطوط الطوارئ في المنطقة الخضراء وبيوت المسؤولين، ما وفر نحو 200 ميغاواط اضيفت إلى الشبكة الوطنية، فيما جرى تأهيل وحدات توليدية في محطتي الناصرية وبيجي اضافة الى استقرار تجهيزات الخط الايراني وزيادة الطاقة الانتاجية للبارجة التركية». وأضاف ان «هذه الاجراءات مجتمعة ساهمت في جعل ساعات التجهيز ترتفع خلال اليومين الماضيين الى ساعتين مقابل اربع ساعات قطع وفي بعض المناطق 3 ساعات تجهيز مقابل 3 ساعات قطع». وأكد «اطلاق وزارة النفط جزءاً من مخزونها الاستراتيجي من الوقود لتزويد المولدات في بغداد والمحافظات الاخرى». وكان وزير الكهرباء السابق كريم وحيد الذي قدم استقالته مساء الاثنين الماضي، يحمل وزارة النفط دائماً مسؤولية عدم توفيرها الوقود الكافي لمحطات توليد الطاقة. وأعلنت وزارة الكهرباء ان «يوم غد (اليوم) سيشهد انطلاق حملة ازالة التجاوزات، وسيتحمل المتجاوز المساءلة القانونية في حال عدم ازالته لهذا التجاوز». وأضافت ان «هناك غرفة عمليات من وزارة الكهرباء ومكتب القائد العام للقوات المسلحة ووزارتي الدفاع والداخلية من اجل ازالة التجاوزات». وكانت قيادة العمليات في بغداد ووزارتا الداخلية والدفاع ومكتب القائد العام للقوات المسلحة أعطوا مهلة 48 ساعة، تنتهي صباح اليوم، للمواطنيين والمصانع والمعامل والمؤسسات الاهلية والحكومية المخالفة، متوعدين بانزال أقسى العقوبات بالمتجاوزين بعد هذه المهلة. وشكك سياسيون بقدرة الشهرستاني على تحسين الكهرباء. وانتقد عضو «ائتلاف العراقية» شاكر كتاب بشدة اضافة حقيبة الكهرباء الى مهمته، لأنه «لم ينجح في توفير الطاقة ومعالجة النقص في الوقود، ويتحمل جزءاً من مشكلة نقص التيار». واعتبر كتاب في تصريح الى «الحياة» ان «أزمة الكهرباء مستعصية على حكومة المالكي وحدها وليس على قدرات وموارد البلاد». ورأى ان «قبول استقالة وزير الكهرباء مخالف للقوانين لأن الحكومة الحالية منتهية ولايتها». ووصف التظاهرات التي أنطلقت من محافظة البصرة ب «الانتفاضة التي تنذر بمخاطر كبيرة». وعلى رغم المعالجات الحكومية الا ان محافظتين عراقيتين تستعدان للتظاهر في وقت لاحق اليوم. وبدأت أمس في الكوت، مركز محافظة واسط، والديوانية، مركز محافظة القادسية، استعدادات لتنظيم تظاهرة للمطالبة بتحسين الخدمات. ويعتزم أهالي الكوت الانطلاق من مركز المدينة وصولاً الى مجلس المحافظة. ونشرت في محافظتي واسط وكربلاء العشرات من اللافتات لحض المواطنين على المشاركة في التظاهرة السلمية والدعوة الى «عدم السماح لأي شخص بالاعتداء على الممتلكات الحكومية والعامة لأنها ملك الشعب». وكانت تظاهرة أنطلقت في قضاء الرميثة في محافظة المثنى للاسباب ذاتها أمس. ومدينة الرميثة لها دلالات كبيرة لدى العراقيين فمنها انطلقت الشرارة الاولى لثورة العشرين ضد الاحتلال الانكليزي عام 1920.