في نهاية أيلول (سبتمبر) 2008 استهدفت غارة جوية في شمال غرب باكستان، محمد خليل الحكايمة عضو الجماعة الإسلامية المصرية السابق، فقتل ومعه 32 عضواً من ناشطي «طالبان» و «القاعدة». ويكنى الحكايمة ب «أبو جهاد المصري» ويعد من أشهر المنتقدين لمراجعات القيادة التاريخية للجماعة الإسلامية المصرية، وهو مؤسس «كتائب عبدالله عزام، تنظيم القاعدة في أرض الكنانة وبلاد الشام». ظهر في شريط فيديو بجوار أيمن الظواهري عام 2006 معلناً انضمامه ومجموعته من الجماعة الإسلامية إلى «القاعدة»، وقد دشن موقعاً لجماعته على شبكة الإنترنت، سماه «الجماعة الإسلامية - الثابتون على العهد»، رافضاً مراجعات جماعته السابقة أو تراجعاتها كما وصفها ويصفها أنصار «القاعدة» دائماً. تأكد خبر مقتله في أيار (مايو) الماضي في حوار لخليفته السعودي صالح القرعاوي القيادي في تنظيم «القاعدة» في السعودية، وهو أيضاً زوج ابنته والمطلوب رقم 34 في قائمة ال 85 المطلوبين في السعودية، والقائد الميداني لكتائب عبدالله عزام. ويعد القرعاوي الذي يشارف على إنهاء العقد الثالث من العمر، من أخطر المطلوبين السعوديين، ويستخدم عدداً كبيراً من الأسماء المستعارة، وبحسب حواره فقد شارك مع أبي مصعب الزرقاوي في معارك الفلوجة، وتحرك بناء على أوامر من الزرقاوي لتنفيذ عمليات خارج العراق، ربما لتحقيق حلم الأخير بإنفاذ مشروعه حول «جند الشام» وحلمه السابق في هيرات. رغم قيادة القرعاوي «كتائب» عبدالله عزام، التي يُقال انها تنشط في الساحة اللبنانية الآن، إلا أنه ما زال على علاقة وثيقة بتنظيمه الأصلي «القاعدة في الجزيرة العربية» حيث لم ينفِ في هذا الحوار - الوحيد والمتأخر له - تخطيط التنظيم لخطف السياح الأجانب في السعودية، مؤكداً أنهم «مشركون»، وأنه كلف من قبل فهد الجوير بمتابعة بعض الخلايا إضافة الى الأرشيف الإعلامي للتنظيم في جزيرة العرب، ويؤكد على استمرار التنظيم وتجهيزه للقيام بعمليات كبيرة في الجزيرة العربية. ورغم ذلك يبدو أن القرعاوي الذي يقود ميدانياً كتائب عبدالله عزام أو القاعدة في مصر والشام يتركز نشاطه في الساحة اللبنانية، الذي يبدو من حواره ملامسته لها ومعرفته بها وبإشكالاتها في شكل واضح، خصوصاً بعد مقتل الحكايمة وفشله في تكرار عملية شرم الشيخ التي أعلنت كتائب عبدالله عزام مسؤوليتها عنها عام 2004، وموت أو اعتقال خلاياها في مصر. يوحي حوار القرعاوي بأزمة القاعدة وخلاياها في مختلف الساحات، ولكنه يكشف عن استراتيجية جديدة تتوجه عبرها «القاعدة» لفتح ساحات جديدة قريبة من الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، فكان تكوين الكتائب من عدد من السرايا منها سرية زياد بن الجراح في لبنان، والتي خصصت – بحسب قوله - «لضرب اليهود في فلسطين»، ويرى أن كلاً من حزب الله وقوات اليونيفيل تحمي الحدود الإسرائيلية. ورغم الإشارة السابقة في حوار صالح القرعاوي - الوحيد حتى الآن - لاستهداف إسرائيل، نجده يعود لتهميش أولوية المواجهة معها في عمليات «القاعدة»، مؤكداً «أن المعركة ليست بيننا وبين اليهود ولكن بين القاعدة وبين أهل الباطل من المسلمين الذي يدعمونهم. وينفي القرعاوي صلة جماعته في لبنان بسلسلة الاغتيالات، التي شهدها ذلك البلد منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 ويرى أنها من صنع تنظيمات أكبر ومصالح لدول كبرى تلعب على المسرح اللبناني، كما نفى صلة أي من الجماعات الإسلامية السنية الأخرى بالحدث، ومؤكداً عدم قدرة جماعته على ذلك في لبنان، وإن كان اغتيال الرموز السياسية في لبنان من أولوياتها على حد قوله!