أثمرت زيارة وزير الصناعة والتجارة المصري طارق قابيل لبنان مع وفد من رجال الأعمال المصريين، شاركوا في «منتدى الاقتصاد العربي»، تأسيس شركة تجمع رجال أعمال مصريين ولبنانيين يملكون استثمارات في أفريقيا، وتهدف الشركة إلى تعزيز الصادرات المصرية إلى أسواقها، بالقدرات التسويقية التي يملكها رجال الأعمال اللبنانيون فيها. وقال قابيل ل «الحياة» أن تأسيس هذا التعاون المشترك عبر هذه الشركة «الهادفة إلى الربح، يسعى إلى زيادة حركة تصدير منتجات الصناعة المصرية إلى الأسواق الأفريقية، بقدرات رجال الأعمال اللبنانيين المقيمين في دول كثيرة فيها، وهم يملكون علاقات جيدة تسهّل عملية التعامل من الداخل». ولفت إلى العمل على «تحسين الوصول إلى هذه القارة، من خلال خطوط شحن مباشرة إلى غرب أفريقيا». وتندرج هذه الخطوة في إطار «تعزيز التصدير إلى أسواق هذه القارة التي بلغت صادرات مصر إليها حالياً ثلاثة بلايين دولار، بفضل اتفاق كوميسا الذي نصل فيه إلى 14 بلداً أفريقياً، ونعمل لعقد اتفاق مع ثلاثة تكتلات في أفريقيا ليصبح لنا منفذ إلى 40 بلداً، أي 400 مليون مستهلك». وإذا كان ممكناً تصدير الإنتاج الصناعي اللبناني أيضاً، قال «ستكون له حصة أيضاً، مع إمكان توسع الشركة لتشمل دولاً عربية أخرى، كي تحقق تكاملاً عربياً مع أفريقيا». وتلقى الصناعة المصرية اهتماماً رسمياً جدياً لتطويرها ونموها نظراً إلى ضخامتها، إذ خططت الوزارة وفق ما أعلن قابيل ل «الوصول بمساهمتها في الناتج القومي إلى 22 في المئة عام 2022، وهي تشكل حالياً 18 في المئة منه». وقال «تقضي الخطة باستقطاب استثمارات خارجية وزيادة تلك المحلية التي تشكل نسبة 70 في المئة من حجم الاستثمارات الموظفة في القطاع وهي كثيفة في المشاريع المتوسطة والصغيرة وتمثل 80 في المئة من حجم القطاع ككل. فيما يتجه معظم الاستثمارات الخارجية إلى الصناعات الكبيرة». وأوضح أن الخطة «تُنفّذ على مراحل وفي كل المحافظات تدريجاً، كي نحدد الميزة التنافسية لكل واحدة بناء على المواد الخام الموجودة فيها واختصاص اليد العاملة ومهارتها». وتشمل الخطة إصلاحات «تفضي إلى تقليص البيروقراطية وتسهيل مناخ الأعمال سواء للمستثمر الخارجي أو المحلي، لأن الصناعة استثمار طويل الأمد ويحتاج إلى جهد للتأسيس». العلاقات مع الخليج وعن نتائج زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أوضح قابيل أن «جزءاً من هذه الزيارة تمثل بتخصيص مبلغ 30 بليون ريال سعودي (ثمانية بلايين دولار) لتأسيس صندوق سيادي للاستثمارات، تودع فيه الأموال بالعملة الصعبة وتقابلها إيداعات بالجنيه المصري». ولفت إلى «العمل حالياً لإنشاء هذا الصندوق المشترك بين مصر والسعودية، وستُوظف أمواله في مجالات كثيرة، مثل تنمية منطقة سيناء والزراعة ومحطات تنقية الصرف الصحي واستعماله في الزراعة وفي مشاريع صناعية». وذكّر بأن الإمارات «أقرت تمويلاً بقيمة بليوني دولار للاستثمار المباشر، وتُحدد وجهة توظيفه لاحقاً». وعن أزمة نقص الدولار وتأثيرها على النشاط التجاري والصناعي، أكد قابيل «استمرار وجود النقص بالعملة الصعبة»، لافتاً إلى أن الوزارة وتفادياً لتأثير ذلك على الصناعة والتجارة الحيويتين «توافقت مع البنك المركزي المصري على أولويات لفتح الاعتمادات، وتتمثل بالسلع الاستراتيجية التي تهم المواطن المحدود الدخل وكل المواد الخام الخاصة بالصناعة، وتأتي السلع المنتجة بعدهما لأن لها بدائل من المنتجات المصرية، وهي متوافرة لتلبية الطلب الاستهلاكي». وإذا كانت الوزارة تستهدف قطاعات صناعية معينة لاستقطاب رؤوس الأموال إليها، رأى قابيل أن «أكبر القطاعات في مصر هي صناعات الغزل والنسيج وتلك الهندسية من معدات وإلكترونيات»، مشيراً إلى أن مصر «تصدّر أكثر من 500 ألف جهاز تلفزيون سنوياً، تتبعها صناعة تجميع الحافلات والباصات فضلاً عن الصناعات الكيماوية والغذائية». ولم يغفل الصناعة الحرفية «المتميزة والقديمة مثل الجلود والأثاث والمحاصيل الزراعية». وشدد على أهمية صناعة الغزل والنسيج التي «نركّز عليها نظراً إلى تاريخها وإلى توظيفها يداً عاملة كثيفة وفنيين، في شكل تساهم بفاعلية في خفض معدل البطالة»، من دون أن يغفل «الميزة التنافسية التي يتمتع بها القطن المصري وسمعته العالمية». جذب الاستثمارات ولدى سؤاله عن القطاعات التي يهتم المستثمرون بها، ربط قابيل هذا الاهتمام ب «ميزات تتمتع بها مصر، وهي تتمثل بموقعها الجغرافي ووجود قناة السويس التي تشكل بوابة إلى دول كثيرة، فضلاً عن اتفاقات التجارة الحرة الموقعة مع دول كثيرة، بحيث تملك مصر القدرة على الوصول إلى واحد وستة من 10 بلايين مستهلك، من خلال هذه الاتفاقات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي وتكتل «كوميسا» والدول العربية، ودول «أغادير» وتركيا، يُضاف إلى كل ذلك أنها بوابة للولوج إلى الأسواق الأفريقية». وأكد أن المستثمر «يدخل إلى السوق المصرية لهدفين، أو لأنه يحتاج إلى تصدير 70 في المئة من إنتاجه ويصرّف ال30 في المئة في السوق المحلية، فيكون أقرب إلى محور قناة السويس، أو يستثمر داخل المناطق الصناعية ويصدر جزءاً من إنتاجه». وتتنوع وجهات الاستثمارات الأجنبية في مصر، وفق قابيل «فهي موظفة في القطاع العقاري وبنسبة كبيرة في قطاع الغزل والنسيج مثل السعودية وتركيا، وفي قطاع تجميع السيارات ولدينا أكثر من تسع شركات. وينسحب ذلك أيضاً على القطاعات الهندسية، مثل «سامسونغ» التي تملك مصنعاً من أكبر خمسة مصانع في العالم، وشركة «أل جي». ويحتاج تطوير كل هذه القطاعات واستقطاب رؤوس الأموال إلى بيئة أعمال مشجعة، لذا أكد قابيل «بدء خطة تحسينها وهي عملية مستمرة لا تتوقف». ولفت إلى «إصدار بعض التشريعات والعمل على قوانين أخرى تصبّ في الهدف ذاته». وعن البنية التحتية للخدمات التي تمثل أساساً للإنتاج، قال إن «مشاريع تنفَّذ لتطويرها وتحديثها خلال العامين الماضيين، وفي مقدمها محور قناة السويس، وبناء 4 آلاف كيلومتر من الطرق إضافة إلى ثلاث مدن قيد الإنشاء». والإنجاز المهم أيضاً وفق ما قال تمثل ب «استثمار أكثر من 14 بليون دولار في قطاع الكهرباء ليشكل التطوير الحاصل خلال العامين الأخيرين نصف ما بُني على مدى تاريخ مصر». ولم يغفل أن الوزارة «ستطرح قبل نهاية العام الحالي مساحات تصل إلى 10 ملايين متر مربع من الأراضي الصناعية للمنشآت الصغيرة والكبيرة». ولفت هنا إلى «العمل على تغيير مبدأ استثمار الأرض بأرخص الأسعار، باعتماد حق الانتفاع من دون شرائها لتوظيف الأموال المرصودة لها من المستثمر في المشروع». وعن نشاط القطاع التجاري الخارجي، أعلن قابيل أن مصر «تصدر بقيمة 20 بليون دولار سنوياً من الإنتاج المصري».