بجرّة قلم، شطب المسؤولون عن الاحتفال الرسمي ب «استقلال» إسرائيل ال 68 الذي تم يوم الأربعاء الماضي الشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر، حين وقف عشرات الجنود المشاركين في الحفل في شكل نتجت منه أربع كلمات: «شعب واحد، دولة واحدة»، ولو أنهم أضافوا كلمتي «زعيم واحد» لكانوا قد اقتبسوا بالكامل شعار الزعيم النازي أدولف هتلر. وطبقاً لوسائل الإعلام العبرية فإن «الناجين من النازية» في إسرائيل «صُعقوا» لدى مشاهدتهم الشعار «الذي أودى بحياة ستة ملايين يهودي، إذ أثار لديهم تداعيات عاطفية سلبية»، فيما أشار معلقون بارزون إلى أن من وقف وراء اختيار هذا الشعار قد يكون فعل ذلك عن جهل وحماقة، لكنه انجرّ وراء الأجواء المتطرفة السائدة في السنوات الأخيرة في الشارع الإسرائيلي، التي حذر منها قبل أسبوع نائب رئيس هيئة أركان الجيش اللواء يائير غولان عندما قارنها بالأجواء التي سادت ألمانيا عشية صعود النازية إلى الحكم، وهي مقارنة أثارت حنق اليمين لمكانة قائلها وحقيقة أنه قالها وهو يلبس البدلة العسكرية، واستدعت من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو توجيه انتقاد شديد للرجل الثاني في الجيش. واتفق عدد من المعلقين على أن اختيار الشعار المذكور «دليل فقدان الحس وعدم فهم معنى الشعار»، وأضافوا أنهم لا يعتقدون أن من اختار الشعار اقتبسه من الشعار النازي عمداً «لكنه في كل الأحوال عنى توجيه رسالة جديدة تتعارض ومبادئ وثيقة الاستقلال التي قامت على أساسها الدولة العبرية واعترفت بوجود العرب في البلاد وتعهدت ضمان المساواة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لجميع المواطنين بلا تمييز على أساس ديني أو عرقي». واعتبر أحدهم أن مرد خطاب وزير الدفاع موشيه يعالون الثلثاء الماضي في مراسم إحياء ذكرى قتلى إسرائيل في الحروب، الذي دعا فيه الإسرائيليين إلى وجوب اقتلاع مظاهر العنصرية والعنف من جذورها وعدم إقصاء الآخر وكرهه، «إدراكه أن ثمة شيئاً يحصل في المجتمع الإسرائيلي. ثمة تصدع حاصل ... شيء ما انفرَم فأصبحت قلوبنا أكثر قسوةً». ورأى معلّق في صحيفة «هآرتس» أن الشعار الذي حمله الجنود سيكون كما يبدو «الشعار القومي الجديد» لليمين، كونه يعكس موقف الحكومة الحالية الرافض عملياً مبدأ حل الدولتين للشعبين. وأضاف أن هذا الشعار أخطر حتى من شعار «دولة قومية للشعب اليهودي»، إذ يلغي وجود 20 في المئة من المواطنين (العرب) وثلاثة ملايين من أراضي العام 1967 الفلسطينيين. وأضاف: «شعار دولة واحدة يعني أنه لن يتم تقسيمها لاثنتين. بسهولة يتم شطب الشعب الثاني... كيف يمكن شطب شعب؟ هناك وسائل وطرق متنوعة... لكن هذا يجب أن يبدأ بالكلمات». ولفت مراقبون إلى أنه باستثناء وزير الدفاع موشه يعالون ورئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غادي أيزنكوط ونائبه، فإن أركان المستوى السياسي «يملأون أفواههم ماءً» حيال التطرف الحاصل في المجتمع الإسرائيلي، بل أن بعضهم يغذيه بتصريحات عنصرية على الملأ. ولفتوا إلى حقيقة أن احتفالات «ايقاد شعلة الاستقلال» التي ظهر فيها الشعار الجديد هي من مسؤولية وزيرة التربية والرياضة ميري ريغف من أكثر نواب ليكود تطرفاً.