كان تعيين الدكتور توفيق الربيعة وزيراً للصحة ضمن صياغة حكومة ما بعد الرؤية مبشراً للمجتمع، بعد أن استطاع الربيعة خلق انطباع جيد عن عمله خلال ثلاث سنوات قضاها في وزارة التجارة، تمكن فيها من كسب رضا قطاع كبير من الناس، وحوّل الوزارة من الجمود إلى الفاعلية، ولاسيما في قضايا الغش التجاري وحماية المستهلك وسرعة التجاوب وتطوير القدرات الإلكترونية للخدمات والصورة الإعلامية للوزارة، إضافة إلى تفاعله المباشر مع القضايا وطبيعته المكسوة بالبساطة والأريحية في كثير من المواقف التي سجلتها كاميرات الهواتف وتداولتها شبكات التواصل الجديد. يبدو الربيعة مؤهلاً في نظر المجتمع لقيادة واحدة من أكثر الوزارات تعقيداً، وعجزت أمامها قاطرة من الوزراء والأسماء التي تناوبت على قيادة المهمة وانتهت إلى بر الفشل والعجز أحياناً كثيرة، وبعض الوزراء السابقين كان لهم تاريخ من الإنجاز والسمعة العملية المثمّنة قبل أن تقف حائرة أمام واقع الصحة المتردي، وهو الأمر الذي يضع الوزير الربيعة في مواجهته الآن. خمسة أيام تفصل بين آخر تغريدة لتوفيق الربيعة بصفته وزيراً للتجارة وبين أول تغريداته كوزير للصحة، يشكر فيها خادم الحرمين الشريفين على الثقة ويسأل الله التوفيق والمعونة في هذه المهمة. وفي وسم قديم منذ 2015 عنوانه «#تطوير_وزارة_الصحة» استعاد نشاطه أخيراً منذ إعلان الربيعة وزيراً للصحة، أدلى فيه عدد من الناشطين من نخب ومثقفين ومواطنين بآرائهم واقتراحاتهم لتحسين أداء هذا المرفق، الذي عانى لسنوات من رحلة الشتات والفوضى، ساعد في ذلك الإخفاق المستمر للوزراء المعينين وقصص الأخطاء الطبية وقصور الكوادر وضعف التأهيل مما تسبب في حال عامة من خيبة الأمل وانكساف الأحلام المعلقة. الوسم غلب عليه أطباء من الوسط الصحي، إذ كتب فهد الخضيري مطالباً بتوحيد الملف الطبي برقم السجل المدني ليساعد في تقليل هدر العلاج وحماية المريض وتاريخه من الأخطاء الطبية وتكرار الإجراءات كالأشعة والتحاليل، ونصح بفتح المجال للطب البديل الناجح كما هو في الصين وأمريكا، وبث التوعية الصحية للكل في مناهج المدارس، وتكثيف برامج الزمالة لسد الحاجات والنقص الشديد، والاهتمام بالطب الوقائي لتقليل عدد المرضى بدل الصرف على العلاج فقط. وطالبت أفراح الحميضي عبر الوسم بكليات طب نسائية تتبع وزارة الصحة مثل كليات الأسنان لدورها في إمداد مستشفيات الوزارة ومراكزها بالكوادر النسائية المتخصصة. فيما أورد خالد النمر بعض النصائح من قبيل «تطبيق نظام الملف الموحد، وتوحيد مرجع مقدمي الخدمة الحكوميين، وحكر المناصب الإدارية على المتخصص فقط، وأخيراً تطبيق مفهوم طبيب الأسرة». عبدالمحسن المقرن هو الآخر وجه بضرورة الاهتمام بتوظيف الأطباء الجدد العاطلين في مجال الطب العام وطب الأسنان، واعتماد كليات طب نسائية وأقسام نسائية للتوليد والتجميل في المستشفيات الحكومية. من جهته، حذّر المغرد صالح سالم الغامدي من التأمين الصحي التجاري، الذي تقدمه ما سماها «شركات الربا»، وذكر أننا بحاجة إلى مستشفيات خيرية، مختتماً تغريدته بالآية الكريمة (يمحق الله الربا ويربي الصدقات). المغرد بدر الراجحي اعتبر أن أهم خطوة لتطوير وزارة الصحة هي «تطوير القياديين الذين تمكنوا من عزل الوزراء السابقين» بحسب قوله، إذ اعتبر تغيير ستة وزراء في فترة قصيرة جداً مؤشراً على أخطاء بيروقراطية تعيق الخطط وتعطل العمل وتلغي فاعلية أي وزير ولو كان ناشطاً وحريصاً. من جهته، قدَّم وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة الشكر لكل من قدَّم اقتراحات مفيدة، وأضاف وزير الصحة على حسابه الرسمي في «تويتر»، قوله: «نحن نجمع اقتراحاتكم للاستفادة منها». يضع الربيعة في «البايو» الخاص به على «تويتر» إلى جانب مسماه الوظيفي كوزير للصحة عبارة تجسد جانباً من شخصيته وطريقته في العمل، ويكتب عن نفسه «مهتم بالإبداع وإدارة التغيير والتطوير»، وتواجه هذه العبارة اختبار الصمود أمام تحديات الوزارة الجديدة.