نقلت جريدة «الوطن» السعودية عن الشيخ عبد المحسن العبيكان قوله ب «جواز تأخير صلاة الظهر الى آخر وقت لها في المناطق الحارة، وذلك اتباعاً للسنّة النبوية بالتخفيف عن المسلمين أثناء اشتداد الحر». وكلام العبيكان يُطبق في باكستان منذ سنوات في بعض الشركات والمؤسسات الكبيرة، وتُجمع صلاتا الظهر والعصر في وقت واحد في كل فصول السنة، وأصدر علماء باكستانيون فتوى بجواز ذلك. ونشرت جريدة «الحياة» أمس مقالاً للباحث عبدالرحمن الخطيب عن حكم صلاة الجماعة. ونقل الكاتب آراء علماء تشير إلى ان «الجماعة سنّة مؤكدة، وتخفيفها مع الإمام سنّة ثابتة». وأشار الى أن «القول بأن صلاة الجماعة في المسجد واجب، يعني أن صلاة الجماعة في البيت والسوق والطريق، وداخل الوزارات والبنوك والجامعات والمدارس والمؤسسات باطلة». وكان الكاتب السعودي خالد الغنامي أصدر كتاباً مهماً حول هذه القضية، ونشرت الصحف السعودية سجالات حول الأمر. وقبل أسابيع شهدت هذه الصحف نقاشات حول الاختلاط وكشف وجه المرأة. لا شك في ان هذا النقاش لن يتوقف. وهو يشهد اتساعاً ونضوجاً يوماً بعد آخر، فضلاً عن ان الصحافة السعودية صارت تتعامل مع هذه القضايا التي كان طرحها من المحرّمات قبل عشر سنين، على نحو يشير إلى أن المجتمع تجاوز حساسية الخوض فيها. نحن إذاً على أبواب تغيير كبير. فإذا تقرر جمع صلاتي الظهر والعصر، وان صلاة الجماعة غير واجبة، فلن تشاهد سيارات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تلاحق الناس وتأمرهم بالصلاة في المساجد، ولن تغلق الأسواق أوقات الصلاة. وإذا حُسِم موضوع النقاب وكشف وجه المرأة، وجواز اختلاطها بالرجال في مكان العمل، فإن كثيراً من معوقات عمل المرأة والتعامل مع قضاياها سيزول، وستأخذ الحياة الاجتماعية وجهاً آخر. الأكيد ان التغير في المجتمعات العربية والإسلامية اصبح رهن الفتوى. وثبت على مدى العقود الثلاثة الماضية ان التغيير الاجتماعي يسير وفقاً لتشدد الفتوى، ومرونتها. المفتي في هذا الزمن هو صانع التغيير الاجتماعي والسياسي، ومن يقرأ كتاب فؤاد مطر الشامل «ألف فتوى وفتوى» سيكتشف ان الفتوى هي المهنة التي صنعت حركة شعوب المنطقة، وتعقيداتها خلال السنوات الماضية، وهي ستعاود تشكيل مستقبلها. الفتوى لم تعد تسلية تلفزيونية. انها قوة تصنع التشدد والانغلاق، وتفضي الى الانفتاح والتطور. الفتوى هي سيدة الموقف.