في 14 آذار (مارس) 2012 عند ال 4.44 فجراً بتوقيت واشنطن، تلقت مديرة مكتب هيلاري كلينتون رسالة بعنوان «عاجل - من مدير مكتب دايف بترايوس»، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي ايه». ونقلت شيريل ميلز الرسالة خلال أقل من ساعة إلى عنوان البريد الإلكتروني الخاص لوزيرة الخارجية الأميركية آنذاك مع ملاحظة «سأتصل بك عند ال 7.15 للتحدث في الموضوع». هذا البريد هو واحد من 30 ألف رسالة إلكترونية نشرتها وزارة الخارجية، لكنها ضمن مجموعة من 65 رسالة مصنفة «سري»، وتم حذف بعض مضمونها. واستبدل مضمون الرسالة الأصلية من مدير مكتب بترايوس بمربعات فارغة في النسخة التي خرجت إلى العلن، لأسباب متعلقة بالأمن القومي. وفتح مكتب التحقيقات الفيديرالي «أف بي آي» تحقيقاً حول هذه الرسائل الإلكترونية التي تم تلقيها وإرسالها بين 2009 و2013، واستجوب المقربين من المرشحة الديموقراطية للانتخابات الرئاسية الأميركية، بينهم ميلز ومساعدتها هوما عابدين. وتقول صحيفة «واشنطن بوست» إن كلينتون ستخضع إلى الاستجواب قريباً حول المسألة. وقالت كلينتون في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» الأحد: «لم يتصل بي أحد بعد، لكنني قلت الصيف الماضي في آب (أغسطس)، إنني على أتمّ الاستعداد للتحدث مع أي كان في أي وقت». وأضافت: «شددت على كل مساعدي على التعاون، وآمل بأن تُطوى هذه الصفحة قريباً». ومن شأن توجيه اتهام إلى كلينتون أن يكون له وقع «كارثي» سياسياً عليها، لأنها باتت قريبة جداً من كسب ترشيح الحزب الديموقراطي إلى الانتخابات المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وسيتم الإعلان الرسمي عن الترشيح خلال المؤتمر العام للحزب في فيلادلفيا بين 25 و28 تموز (يوليو) المقبل. وشارف تحقيق «أف بي آي» الذي لم يحدد له إطار رسمي على الانتهاء. ويركز على المعلومات المصنفة ضمن المستوى الأول من السرية، وتشمل نحو ألفي رسالة إلكترونية، والسرية (65 رسالة)، والسرية للغاية (22 رسالة لا تزال محجوبة تماماً). وتم تبادلها على ملقم خاص يملكه الزوجان كلينتون في منزلهما في شاباكوا بالقرب من نيويورك، بدلاً من استخدام نظام المراسلة الحكومي. ويعاين الشرطيون المكلفون القضية الملقم للتأكد من أمنه ومدى صموده أمام محاولات الاختراق، بينما أكد قرصان معلوماتية روماني من سجنه في الولاياتالمتحدة لشبكة «فوكس نيوز» أنه نجح في اختراق الملقم مرات عدة، من دون أن يعطي دليلاً على ذلك. ويحظّر القانون الأميركي تبادل معلومات مصنفة خارج شبكة آمنة مخصصة لهذه الغاية. إلا أن كلينتون تصر على أن هذه الرسائل لم تكن عليها إشارة «سري» في الفترة التي تلقتها أو أرسلتها فيها. وحصل التصنيف في فترة لاحقة، تزامناً مع خروج هذه الرسائل إلى العلن. ولم يكن القانون الفيديرالي يمنع آنذاك الوزراء من التواصل في شؤون العمل من خلال نظام مراسلة غير حكومي، مع أن الأمر لم يكن محبذاً. ويعترض فريق كلينتون على «المبالغة في تصنيف» بعض الرسائل. ونشرت إحداها، وتتعلق بكوريا الشمالية، بعد أن كانت مصنفة «سري للغاية» في شباط (فبراير) مع حذف بعض المضمون، وباتت مصنفة «سري» فقط. وستسلم «أف بي آي» تحقيقها عند الانتهاء منه إلى وزارة العدل التي ستقرر ما إذا كانت ستوجه اتهاماً في القضية أم لا. وحتى الآن لم يعثر المحققون على أي عنصر يثبت أن كلينتون خالفت القانون عمداً، وفق ما قال مسؤولون لشبكة «سي أن أن». إلا أن الجمهوريين يستغلون القضية في الحملات الانتخابية للإساءة إلى سمعة المرشحة الديموقراطية. ولم يحل تقديمها اعتذاراً في أيلول (سبتمبر) من دون نشر سلسلة من المقالات التي تتضمن انتقاداً شديداً لها، خصوصاً من محافظين. ويمكن مشاهدة قمصان أو لافتات يرفعها مشاركون خلال تجمعات انتخابية للحزب الجمهوري، كُتبت عليها شعارات مثل «ترامب في البيت الأبيض وهيلاري في السجن». أما دونالد ترامب، الذي بات المرشح الوحيد للحزب الجمهوري إلى الانتخابات الرئاسية، فيشير إلى كلينتون باستمرار إلى أنها «مخادعة ويجب ألا تُعطى حق الترشح».