بين أزمات الفشل في العودة إلى الوطن، وعجز دور الرعاية الصحية والمستشفيات عن توفير الدواء، ومعضلة الجوع وشح الموارد الغذائية، تتنوع المشكلات التي يعيشها اليمن في ظل الأزمة التي خلفتها ميليشيات الانقلابيين على شرعية الحكومية اليمنية، وقد وضع هذا التنوع والحاجة لحلول سريعة، كل الجهات الراغبة في إغاثة الشعب اليمني أمام أزمة حقيقية، من جهتها أسهمت المملكة في أقل من عام في إغاثة الشعب اليمني واحتضانه، إذ نجح مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في تنويع آليات الإغاثة والتعاطي مع كل مشكلة في صورة مستقلة قادرة على توفير حلول لها. المشكلات وحلولها ودور مركز الملك سلمان في إغاثة الأشقاء في اليمن يرويها وزير الإدارة المحلية، رئيس اللجنة العليا للإغاثة الدكتور عبدالرقيب سيف، الذي أكد أن المملكة وحدها غطت أكثر من 60 في المئة من مجمل العمل الإغاثي الدولي المقدم لليمنيين. في ما يلي نص الحوار. كيف تقيم العمل الإغاثي في اليمن ودور الجهود السعودية والدولية في حل الأزمة الراهنة؟ - في البداية يسرني ويشرفني أن أقدم الشكر الجزيل لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والقائمين عليه، إذ أصبح المركز اليوم منارة إغاثية للكثير من الملهوفين والمحتاجين حول العالم وفي الدول النامية تحديداً. وعلى رغم أن المركز يقترب من إكمال سنة واحدة فقط على تأسيسه، إلا أنه بدأ بشكل قوي جداً بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، ليتحول إلى مرجع حقيقي لجميع المنظمات الدولية، ونبراس يقتدى به، واستطاع تجاوز الكثير من المنظمات التي تملك خبرة سنوات في العمل الإغاثي، وبصورة عامة كانت المملكة دائماً من أكبر المانحين الداعمين للأمم المتحدة منذ القدم، ولكثير من العمليات الإغاثية العالمية. وتعليقاً على الوضع الإغاثي في اليمن، فقد أدى مركز الملك سلمان الدور الرئيس في إغاثة الشعب اليمني منذ بداية الانقلاب على الشرعية في اليمن. ولا ننسى مكرمة خادم الحرمين الشريفين التي قدمها للشعب اليمني بمبلغ 274 مليون دولار خصصت لمنظمات الأممالمتحدة بالتنسيق مع اللجنة العليا للإغاثة. ولا يخفى على أحد حقيقية الوضع الإنساني الكارثي في اليمن، إذ يحتاج حوالى 21 مليون يمني إلى رعاية صحية وإنسانية متكاملة، إضافة إلى ثلاثة ملايين و200 ألف نازح، وأكثر من ثلاثة ملايين و800 ألف طفل حرموا فرصة التعليم. ولكن بدعم حقيقي من الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي يتم الآن تنظيم وترتيب الوضع الإغاثي بصورة متكاملة، وقد أعلنا بأن العام 2016 سيكون بالمجمل إغاثياً، وبعون الله ومن خلال التعاون المستمر مع الأشقاء في دول مجلس التعاون بشكل عام ومركز الملك سلمان على وجه الخصوص، نعمل على إعادة الدورة الاقتصادية للمنطقة والبنية التحتية والمتطلبات الرئيسة للحياة الطبيعية. ما دور اللجنة العليا للإغاثة بالشراكة مع مركز الملك سلمان في إيصال المساعدات إلى ذوي الاحتياج؟ - عاش اليمن في عام 2015 وضعاً مأسوياً، في ظل عجز الحكومة عن العمل على الأرض، ولذلك أكدت على أن العام الحالي سيركز بصورة كاملة على الإغاثة، وسيكون مختلفاً إذ يبدأ إعمار اليمن عموماً، فبعد تحرير عدن وعودة الحكومة الشرعية بدأنا بالتنسيق ومعالجة الوضع الإغاثي على اتجاهين، الأول تمثل في الإغاثة العاجلة المرتبطة بتزويد الأسر النازحة والمحتاجين بالمواد الغذائية الأساسية، والثانية عبر التمكين الاقتصادي وإعادة التنمية المحلية والمرتكزة على إيجاد مستشفيات تقوم بصورة رئيسة بمعالجة الجرحى، والعمل على إعادة الدورة الاقتصادية لليمن، وإعادة الحياة عبر توفير الكهرباء وترميم البنية التحتية. وهنا لعب مركز الملك سلمان دوراً مهماً إذ قام بمعالجة الجرحى إما علاجاً مباشراً من خلال إرسال عدد كبير منهم إلى الأردن للعلاج، والتعاقد مع الهلال الأحمر السوداني لإرسال فرق طبية إلى شرورة لمعالجة الجرحى اليمنيين، إضافة إلى التعاقد مع مدينة «مروي» في السودان التي استقبلت أول دفعة من المصابين وبلغ عددهم حوالى 23 جريحاً، فيما يجري العمل على معالجة 248 جريحاً من محافظة تعز. إضافة إلى ذلك أسهم مركز الملك سلمان في حل عدد كبير من المشكلات الناجمة عن الأزمة اليمنية، من أهمها أزمة العالقين، فكان هناك أكثر من 25 ألف يمني خرجوا قبل الأزمة بحثاً عن العلاج في مصر وعمّان والهند والعديد من الدول، من دون أن ينجحوا في العودة إلى موطنهم وذويهم، لكن المركز نجح في إعادة 18 ألف مواطن يمني إلى مناطقهم منفقاً قرابة ثمانية ملايين دولار على حل هذه المشكلة، وهي واحدة من أهم مراحل الإغاثة، وهو أمر يشكر عليه كل القائمين على المركز. في ظل ما يعيشه اليمن اليوم كيف ترى أثر المساعدات السعودية على الشعب اليمني؟ - علاقة اليمن واليمنيين بدول مجلس التعاون بشكل عام والمملكة بشكل خاص علاقات تاريخية متجذرة، فأكبر جالية يمنية تعيش في السعودية، وأخيراً أمر خادم الحرمين الشريفين بتسوية أوضاع أكثر من نصف مليون يمني مقيم، وأكثر من ثلاثة ملايين يمني يقيمون منذ فترة في المملكة، وهم الآن يعملون بشكل طبيعي في جميع مدن المملكة، إضافة إلى قبول أبنائهم في المدارس، والكثيرون لا يعرفون ذلك فالمملكة لا تتحدث كثيراً عن هذه الأمور لأنها تعتبرها جزءاً من علاقتها الأزلية باليمن. تغيب صورة الأوضاع في اليمن عن الكثيرين، فهل لك أن تصف لنا المشهد في تعز بعد فك الحصار عنها ومدى حاجتها للمزيد من العمليات الإغاثية؟ - تتكون محافظة تعز من 23 مديرية، ويسكنها أربعة ملايين و200 ألف مواطن، حوصرت لمدة 10 أشهر، لكن مركز الملك سلمان كسر هذا الحصار من خلال الإنزال الجوي لكميات كبيرة من الأدوية، وأعاد الحياة إلى الكثير من المواطنين والمستشفيات التي عانت من نقص حاد في الأدوية. وبعد رفع الحصار الجزئي عن أحد منافذ تعز من الجيش الوطني والمقاومة، وصلت أولى الشحنات إلى المحافظة وأسميناها «قافلة النصر» تضمنت 18 ألف سلة غذائية، و1500 أسطوانة أوكسجين، بتمويل مباشر من مركز الملك سلمان، واليوم وبعد العمل الكبير المقدم من دول مجلس التعاون ومركز الملك سلمان تعيش تعز حالاً من الاستقرار الآني على رغم بقاء بعض التحديات. البعض يتهم المركز بالتحيز لمحافظة دون أخرى، بحكم قربك من المشهد ووقوفك على تفاصيله، ما مدى حقيقة هذه الاتهامات؟ - نحن كلجنة عليا للإغاثة أكدنا تحمل مسؤولية جميع المناطق اليمنية من صعدة إلى المهرة، ونتعامل مع الإنسان اليمني بعيداً عن المذهب واللون والعرق وغيره، ومركز الملك سلمان يرفع الشعار ذاته في العمل الإغاثي والإنساني ويتعامل مع الإنسان كإنسان أينما وجد من دون تمييز أو تفريق. بعض ميليشيات الانقلابيين كانت تقف حاجزاً يعوق توصيل بعض المساعدات إلى جميع المناطق، اليوم أقول إن مركز الملك سلمان وقف خلف أكثر من 60 في المئة من إجمالي الإغاثات التي وصلت إلى اليمن.