عُرضت في «لافال» احدى ضواحي مونتريال مسرحية غنائية فولكلورية عنوانها «عروس من لبنان» تميزت بتكامل عناصرها الفنية من سيناريو واخراج وتمثيل وغناء. والعمل من تأليف وتلحين الفنانة فريدا هبر (كندية من اصل لبناني) وشاركت فيه مجموعة من الممثلين والمغنين المقيمن في المغترب الكندي. وفي اطلالتها على المسرح لمحت هبر الى بعض القضايا الاجتماعية التي يعاني منها المغتربون كالعنف الزوجي واعتكاف المرأة في منزلها في شبه اقامة جبرية والممانعة في الاندماج بالمجتمع الكيبكي وغيرها من المسائل الاغترابية الاخرى التي وعدت ان تكون في عداد مسرحياتها المقبلة. يتمحور موضوع المسرحية حول شاب لبناني يستجيب لرغبة امه في اكمال نصفه الآخر في الوطن المقيم بعدما تعذر نصيبه في العثور على فتلة مناسبة له في الوطن المغترب. ويبدو ان مسرح هبر كان الخشبة المثالية في تجسيد مشاعر الحيرة والقلق التي تنتاب شريحة كبيرة من الشباب الراغبين في زواج من بنت البلد من دون غيرها ومعالجة هذه الهواجس بقالب غنائي هزلي فولكلوري ممتع. وتكشف المسرحية عن خيارين لا ثالث لهما للزواج من الفتاة اللبنانية. اما التعرف اليها في الاغتراب وهو امر قلما يتوافر، نظراً الى محدودية فرص التعارف واللقاءات وغياب الاندية والمؤسسات الثقافية والاجتماعية الجامعة وتحكم الاعتبارات الدينية والمذهبية، واما القيام بمغامرة الى الوطن الأم قد تستغرق بضعة اسابيع او اشهراً معدودة. الى هناك ينتقل المسرح ليواكب العريس المنتظر بحركاته وسكناته ولجوئه الى العادات التقليدية والاستعانة بالأهل والاصدقاء والاقارب وصولاً الى المختار. فيتنافسون على تقديم العدد الأوفر من فتيات الضيعة وما اكثرهن الى ان يقع اختياره على فتاة الاحلام. وتلفت المسرحية الى مدى اهتمام الأهل في استقبال العريس الوافد من خلف البحار وفي ظنهم انه مثقل بالدولارات او ربما اوحى لهم بذلك والحاحهم على العروس بالقبول واحاطتها بهالة من الاغراءات لا سيما ان فارس الاحلام وصل الى عقر دارها وتذكيرها بأن زواج البنت سترتها والنظر الى غيرها من الفتيات العوانس والكساد الذي يتحكم في سوق الزواج (كثير من العرض وقليل من الطلب). وتنتهي المسرحية بعودة مظفرة للعروسين الى مونتريال وتقام لهما الزفة اللبنانية التقليدية لحظة دخول العريس متأبطاً ذراع عروسه على وقع الزغاريد والاهازيج والدبكة اللبنانية ونثر الورود. وفي غمرة هذه الاجواء الاحتفالية يطل المختار ويودعهما بوصية مقتضبة «مبروك اياكم ان تنسوا لبنان» وكأنه يذكر الحاضرين ايضاً بالعودة اليه والتمسك بجذورهم واصالتهم وفنونهم وحضهم على التواصل بين الوطن المقيم والمغترب.