جميلة هي كونا, فتاة سمراء في الثامنة من عمرها كبرت في ملجأ للأطفال تديره الحكومة البلغارية بعدما هجرها والداها, لكن أحدا لا يرغب بتبنيها والسبب أصولها الغجرية. على الرغم من أن "ملامحها (كونا) لا تفضح أصولها لكن أوراقهاالثبوتية سرعان ما تجعل العائلات المتبنية تعدل عن اختيارها", على ما تشرح ناديا ديونوفا مديرة ملجأ "سلافيكوف" في صوفيا والذي يؤوي 62 طفلا هجرهم ذووهم, تتراوح أعمارهم بين 7 و 18 عاما. من بين هؤلاء ستة معوقين. لطالما حظي الغجر (روما), وهم من الأقليات, بسمعة سيئة في البلاد حيث يتهمون بالتخلي عن أطفالهم في سن مبكرة ليعودوا ويستردوهم وقد أصبحوا في سن تخولهم جني المال. بالنسبة إلى والدي كونا, هما آثرا الاحتفاظ باثنين فقط من أولادهم السبعة, وإنما من دون التخلي عن حقوق الأبوة في ما خص الخمسة الآخرين. ما قام به ذوو كونا يجعل الأطفال تحت وصاية المياتم إلى حين بلوغهم سن الرشد. لكنه ومنذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي, وضع قانون لمعالجة هذا الوضع: كل طفل أمضى ستة أشهر في هذه الملاجئ من دون أن يطالب به ذووه, يدرج مباشرة على سجل الأطفال المرشحين للتبني. وكانت عادة هجر الأطفال وجعلهم في عهدة السلطات الرسمية قد بدأت خلال الحقبة الشيوعية. وما زالت بلغاريا تسجل واحدا من أعلى المعدلات في هذا المجال مع أكثر من 6700 طفل مسجل كولد مهجور من اصل 7.7 ملايين نسمة عدد السكان الاجمالي. بالنسبة إلى نائبة وزير الشؤون الاجتماعية فالنتينا سيميونوفا فإن "السيطرة على الظاهرة أمر صعب بما أن الدولة عمدت طوال خمسين عاما إلى وضع كل طفل مهدد في الملجأ". مثال على ذلك شباب ثمانية يعانون من إعاقات ذهنية أمضوا طفولتهم في مؤسسات عامة تسود فيها ظروف سيئة. اليوم تم إيداعهم في دار رعاية عائلية في غلوجينيه (غرب) جهزته منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف) بالتعاون مع التلفزيون البلغاري الذي جمع تمويلا خاصا لذلك. في عربة الأطفال الخاصة به, يستكن سيرغاي وهو شاب كفيف في العشرين من عمره يعجز عن الكلام والسير. عندما وصل إلى غلوجينيه كانت التقرحات تغطي ظهره جراء النوم المستمر, أما على يديه ورجليه فكانت آثار القيود واضحة نتيجة تكبيله في سريره في موجيلينو, بحسب العاملين في دار الرعاية الجديد. وكان ملجأ موجيلينو, الذي أغلقت أبوابه في العام 2008 على أثر حملة إعلامية, "محاطا بأسلاك شائكة أما شبابيكه فمزودة بقضبان" بحسب ما توضح برانيميرا بافلوفا, مديرة مركز تيتيفين (غرب) الذي كان قد استقبل هؤلاء الشباب لفترة موقتة. هناك, رأت بافلوفا "نحو مئة طفل يتسكعون بالقرب من عاملين غير مبالين" وغير مؤهلين. بحلول العام 2013, تخطط الحكومة لإقفال 27 ملجأ متبقيا للأطفال ذوي الإعاقات الحادة, غالبيتها في مناطق نائية. ما زال ذوو نحو 98 % من الأطفال الذين تم التخلي عنهم على قيد الحياة, لذا تحاول إدارة الخدمات الاجتماعية إعادة دمج هؤلاء الأطفال في عائلاتهم قبل اللجوء إلى إجراءات أخرى. لكن, في حال أتى ذلك مستيحلا, يتم البحث عن عائلات بديلة. اما بالنسبة إلى 1200 طفل معوق تخطوا الثانية عشرة من عمرهم وحظوظ تبنيهم محدودة, فإنهم يطرحون للتبني بإجراءات مبسطة. والعائلات المتبنية بصورة أساسية هي من الولاياتالمتحدة وكندا والسويد وإيطاليا. إلى ذلك, تطمح بلغاريا إلى خفض نسبة التخلي عن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من الولادة إلى سن الثالثة, والذين يصل تعدادهم اليوم إلى أكثر من 2300 طفل. وتلفت نائبة وزير الشؤون الاجتماعية إلى أنه "وبوضع حد لهجر الأطفال حديثي الولادة يمكن معالجة مشكلة الأطفال في الملاجئ". خلال العام الماضي, تبنت عائلات بلغارية 536 رضيعا بالإضافة إلى 103 تم تبنيهم من قبل عائلات أجنبية, 23% منهم من المعوقين. ___________ * فسيلا سيرغيفا