أقر المدير العام لمركز إحياء تراث العمارة الإسلامية في القاهرة الدكتور صالح لمعي بوجود «عيوب» صاحبت ترميم مسجد الشافعي في جدة، التي أشرف عليها، ملمحاً إلى أن بعض من قاموا بترميم المسجد كانوا من غير المختصين، ما أدى إلى حدوث «تدهور شديد وتعديات قام بها من يريد الإصلاح». لكنه اعتبره من أهم عمليات الترميم التي شهدتها مرافق تراثية إسلامية. وعرض لمعي تجربة ترميم المسجد في محاضرة ألقاها أخيراً في بيت البلد بجدة، بحضور مسؤولين في التراث العمراني والسياحة والتراث الوطني ومهندسين ومسؤولين من أمانة جدة ومهتمين في التراث العمراني وملاك بيوت تاريخية. وتنقل لمعي بين المحاور الفنية المتخصصة من خلال العرض المرئي الذي قدمه للحضور عن تجربته في ترميم مسجد الشافعي التاريخي التي عدها «تجربة فريدة والأولى من نوعها بهذا المستوى العالي». وشمل العرض رسومات وبيانات وصوراً وإحصاءات وتحاليل، وشرح المصاعب والمعاناة التي واجهتهم أثناء الدراسة المسحية والعمل التنفيذي حتى انتهاء المشروع. وشدد على أهمية وجود برنامج شامل لمسجد الشافعي بعد الانتهاء منه، وينفذ بدقة للصيانة الدورية الأسبوعية والشهرية وربع السنوية ونصف السنوية والسنوية، وذلك للمحافظة على عمر المبنى وعدم الحاجة إلى إعادة ترميمه مرة أخرى. وقال لمعي: «إن الهدف الأساسي لمشروع الترميم هو الحفاظ على الأصالة والتكامل لعناصر المبني من خلال الحفاظ على أصالة التصميم والمادة والحرفة اليدوية والموقع الفريد داخل المدينة القديمة»، لافتاً إلى أنه تمت أعمال الحفريات الأثرية خلال أعمال الدراسة التاريخية والأثرية للمبنى وتوثيق الكتابات التاريخية وتأصيلها، وكذلك تحليل العناصر المعمارية وتحديد التأثيرات المحلية والوافدة لتأصيل هذا المعلم المعماري المهم في تاريخ جدة. وقال: «تم التوثيق المساحي والمعماري باستخدام الوسائل الحديثة: محطة الرصد المتكاملة والتصوير المقوم والتصوير الفوتوغرامتري للحصول على رسومات دقيقة للمبني موضحاً عليها الأضرار». وتابع: «قمنا بأخذ عينات من مواد البناء ومواد النهو والألوان وإرسالها إلى المختبرات لإجراء الفحوص العلمية عليها لتحديد الخصائص الميكانيكية والفيزيائية والكيماوية كافة لتوظيفها في عملية الترميم طبقاً للأصول الدولية وتنسيقاً مع المواثيق الدولية الصادرة عن اليونسكو والمجلس الدولي للآثار والمواقع (الأيكوموس)، وتم عمل نماذج حسابية على الحاسوب للتعرف على الوضع الإنشائي للمبني، وكذلك إجراء الفحوص اللازمة للتربة والأساسات لضمان سلامة المبني مستقبلاً باتخاذ الاحتياطات الإنشائية اللازمة لتقوية عناصر المسجد، سواءً بالنسبة للأساسات أم الحوائط الحاملة». وأوضح لمعي أنه لا يوجد هناك مشروع من دون أخطاء «فعند بداية أي مشروع ترميم لا بد من القيام بدراسة تاريخية ومسحية للموقع الأثري المراد ترميمه وقراءة جميع النقوش والكتابات على الجدران وتفسيرها»، مشيراً إلى أن المسجد تعرض إلى «تدهور شديد وتعديات قام بها من يريد الإصلاح، ولكنهم لم يكونوا متخصصين في هذا المجال». إلا انه علّق على من ينتقد مشروع ترميم مسجد الشافعي في بعض وسائل الإعلام بالقول: «البعض يتحدث وينتقد وهو لا يعلم ماذا حدث في المشروع، فهم لم يعيشوا تجربة المشروع أو عاصروه أو ربما شاهدوه على أرض الواقع، وأيضاً هناك من لا يدرك لماذا اتخذت بعض القرارات خلال مراحل التنفيذ ولم تتخذ قرارات أخرى». وأردف: «نتقبل النقد دائماً ولكن نرجو أن يكون ذلك من وجهة نظر عملية، وممن لدية خلفية كاملة عن الموضوع المطروح للنقاش»، مؤكداً أن العمل في ترميم مسجد الشافعي تم طبقاً للمواصفات والاشتراطات الدولية، وإن كانت هناك عيوب نتيجة تقصير أحد العمالة فإنها بالتأكيد لا تعيب في المشروع الذي يعد الأول من نوعه فالإيجابيات بالتأكيد أكثر بكثير، وهي تجربة فريدة وثرية لترميم المساجد التاريخية على مستوى المملكة». ولفت إلى أن رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان طلب منه شخصياً توثيق جميع مراحل العمل في ترميم مسجد الشافعي، وذلك لإصدار كتاب علمي يشرح تفاصيل الجهود والأعمال التي تمت في المشروع.