ضمن فعاليات دورته الراهنة، والتي تقام – هذه المرة – تحت شعار التنوع الجغرافي وفي الأذواق الفنية، إذا كان التكريم الأهم من نصيب المخرج الراحل يوسف شاهين، عبر تسمية الجائزة العربية الأساس باسمه، وكذلك عبر تقديم نظرة ما، الى المبدعين المصريين الذين ارتبط عملهم به في شكل أو آخر، فإن تكريمات مهرجان الرباط، تتناول ايضاً أربعة سينمائيين عرب آخرين، إضافة الى المخرج الفرنسي الراحل قبل شهور إريك رومر. ولافت هنا ان الحصص العربية من التكريمات تم تقسيمها بين المغرب العربي (الجزائر والمغرب) وبين مصر، التي يكرم من بين سينمائييها الفنانة نبيلة عبيد، تتويجاً لمسار فني بات عمره اليوم نحو خمسين سنة، والمخرج محمد خان، أحد الرواد المؤسسين لتيار سينما الثمانينات الذي يسمى في بعض الأحيان «الواقعية الجديدة في السينما المصرية». ولئن كان البعض قد تساءل أول الأمر عن جدوى تخصيص نجمة جماهيرية شهيرة مثل نبيلة عبيد بتكريم خاص في مهرجان يتسم - بعد كل شيء بالنخبوية - فإن الجواب أتى سريعاً: الى افلامها الجماهيرية، لعبت نبيلة أدواراً مهمة جداً في أفلام من توقيع بعض كبار السينمائيين المصريين، من عاطف سالم الى عاطف الطيب وصولاً – طبعاً – الى يوسف شاهين الذي أعطاها واحداً من أبرز أدوارها في فيلمه «الآخر». ومن هنا من الواضح ان أي حديث تكريمي مع نبيلة عبيد وعنها خلال أيام المهرجان سيتركز على هذه الأدوار، أكثر مما على أدوارها الأكثر عادية. في مقابل تكريم المصريين نبيلة عبيد ومحمد خان (صاحب افلام كبيرة مثل «سوبر ماركت» و «خرج ولم يعد» و «زوجة رجل مهم» و «طائر على الطريق»)، هناك تكريم خاص للمخرج والمنتج المغربي عبدالله المصباحي، وتكريم آخر لأحمد راشدي، صاحب أحد الأسماء الكبيرة في السينما الجزائرية منذ بداياتها، والذي بات مساره السينمائي المتواصل يزيد على أربعين سنة، متواصلة حتى اليوم، إذ بعدما حقق راشدي قبل سنتين فيلماً يستعيد ذكرى احد مناضلي الاستقلال الجزائري (مصطفى بلعيد)، يتحضر الآن لولوج مغامرة سينمائية جديدة، فيما يتحدث عن مشاريع أخرى في الانتظار. وللمناسبة، عدا عن حضوره في الرباط لتكريمه، يشارك أحمد راشدي، الى جانب ابراهيم العريس وآخرين، في لجنة تحكيم جائزة يوسف شاهين للسينما العربية في المهرجان. تكريم ذكرى اريك رومر، هو التكريم الأجنبي الوحيد في مهرجان من الواضح انه – بعد كل شيء – يريد لنفسه ان يكون عربياً، أكثر منه، أوروبياً، حتى وإن كان رومر، قد عرف بفرنسيته وأوروبيته المغرقتين. ولسوف يشمل تكريم إريك رومر، حلقة حديث عنه واستعادة لذكراه، ولكن خاصة ايضاً، عرض ستة من أفلامه التي تواصل إنتاجه لها، منذ بداياته، أواسط سنوات الخمسين بصفته واحداً من مؤسسي الموجة الفرنسية الجديدة وأقطابها – الى جانب غودار وتروفو وشابرول وريفيت وغيرهم – بعدما كان ناقداً في «غازيت دي سينما» ثم «كاييه دي سينما»، عرف بالكتاب المؤسس الذي وضعه مع زميله كلود شابرول حول سينما ألفريد هيتشكوك، ليكون أول كتاب أوروبي يلفت النظر الى ان سينما سيد التشويق، هي أكثر من مجرد سينما بوليسية تشويقية. وجدير بالذكر هنا ان هذا التكريم الرباطي لإريك رومر هو ثاني تكريم سينمائي لهذا المخرج خارج فرنسا... إذ سبقه تكريم له في لبنان قبل شهور عرض بعض أفلامه، وجرى فيه حديث عنه.