يقولون إن أحد تعاريف الزواج هو الاقتناع بحلاوة الحرية داخل قفص الزوجية، والقفص تعبير لطيف عن الحبس الزوجي، ودرج الرجال على هذا الوصف تعبيراً عن فقد بعض حرياتهم، والحقيقة أن المرأة أيضاً تشاركه القفص نفسه، بل هي ربما تكون حبيسة أكثر، إذ إن أمر خروجها بات في يد شخص واحد، بينما قبل الزواج كانت خياراتها متعددة بين الأب والأم والأخ وحتى الأخت الكبرى، وكان يمكنها طلب شفاعة أحدهم عند الآخر. والاعتقاد بأن البنات يحصلن على حريتهن بالزواج ساد إبان كان أحد أهدافها من الزواج هو الركوب في المقعد الأمامي للسيارة، والجلوس في المكان الأفضل في الصالة، والنوم على سرير «كنج ساي»، وإمكان الاعتذار من الصديقات والقريبات بكلمة «أبونا ما يرضى» التي ظلت تسمعها في بيت العائلة لعقدين من الزمن، على رغم أن «أباهم» ما كان له من الأمر شيء، لكنها «تكتيكات» نسائية لأهدافها مبحث آخر. واليوم بات أكثر الزوجات يركبن في المقعد الخلفي، ليس لأنهن اكتشفن أن الأصل في «الكشخة» أن يركب الشخص المهم في المقعد الخلفي، لكن لأن معظم العائلات تستعين بالرجل الحديدي «السائق»، وإذا لم يكن ثمة سائق، ففي كثير من العائلات يركب الولد «الذكر» بجوار والده، ورفيقة العمر والدرب، وربما شريكته في أقساط السيارة تركب في الخلف. أما الجلوس في المكان الأفضل أمام التلفزيون، فبات على كل أم حضور دورة ديبلوماسية لإقناع أحد أطفالها بترك المكان لها لمتابعة برنامجها المفضل، هذا إن استطاعت إقناعه أصلاً بتغيير القناة التي يفغر فاه أمامها، وتبقى حكاية الأب الذي لا يرضى حجة فاشلة و«مفقوسة» مع تغير الرجال، الذي لا أعرف إن كان في هذه الحالة سلبياً أم إيجابياً. وبالرجوع إلى القفص فعلى الرجال البحث عن بديل يشكّل الاستعارة اللغوية لوصف الحياة الزوجية، لأن القفص فضحهم حيث يبدو فيه الذكر «متنبلاً» لا يفعل شيئاً، بينما الأنثى تعدّ العش، وتضع البيض في سلة واحدة مثلما فعلنا جميعاً في الأسهم، وغالباً هي التي تغرد «داخل السرب».