في مقال نشرته صحيفة «عكاظ»، بعنوان «مونديال الوزارات»، شبّه الكاتب السعودي الساخر خلف الحربي الأجهزة الحكومية السعودية بمنتخبات مونديال جنوب افريقيا. فوزارة الصحة في نظره «مثل منتخب إنكلترا: تاريخ عريق وإنجازات محدودة»، و «إدارة المرور مثل منتخب كوريا الجنوبية: حركة كثيرة ونتائج متناقضة»، و «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل منتخب إيطاليا: دفاع صلب وأداء لا يخلو من الخشونة، مع حرص شديد على إبقاء حالة التعادل السلبي كي يختطف الكأس بالركلات الترجيحية». الحربي جاء على ذكر معظم المؤسسات الحكومية السعودية، وسخر من أدائها، وعبّر عن رأيه في شكل جديد ومبدع، حتى شركتي «أرامكو والكهرباء» لم تسلما من سخرية المونديال. وفاز مجلس الشورى السعودي بأجمل وصف. فهو في رأي خلف الحربي «مثل منتخب الجزائر: يعرف أن آمال الجماهير العربية معلّقة به، لكن الفرص أمامه محدودة». لكن الكاتب نسي ان يضم «الهيئة العامة للاستثمار» لتشكيلة مونديال المؤسسات الحكومية. وسألت نفسي عن السبب، ترى لماذا تخلفت هيئة الاستثمار عن المونديال، وهي التي تحب الدعاية، وتنفق عليها ببذخ يصل الى حد السفه. كيف غابت عن سطور المقال على رغم أنها تغري بالسخرية، وإنجازاتها الوهمية تصلح ان تكون مادة ثرية لمسلسل كوميدي طويل «يفقع المرارة من الضحك الأسود»، عنوانه «كان يا ما كان، هناك شيء لم يحصل ولن يحصل، لكن الناس فرحوا به، والحكومة صدقته، وأصبح الإعلام يتحدث عنه، ويعتبره إنجازاً عظيماً، على رغم انه مجرد خيال مثل الكذب». لا شك في ان الكاتب لم يجد منتخباً يشبه «الهيئة العامة للاستثمار». فكل المنتخبات التي وصلت الى المونديال حققت شيئاً، ولو مصادفة، لكن الهيئة العامة للاستثمار لم تثبت حتى الآن سوى القدرة على إقناع الناس بأن الأوهام يمكن ان تكون واقعاً، وأن «الفهلوة العقارية» أهم ركائز اقتصاد المعرفة، والتعليم، وخلق الوظائف... وأن مدينة صحراوية ليست فيها أي موارد طبيعية، ولا كثافة سكانية، ولا أي ميزة اقتصادية، يمكن ان تتحول بفعل الأوهام، والسمسرة، والدعاية والمؤتمرات المموّلة من جيوب المساهمين والمغفّلين، الى مدينة عالمية مثل نيويورك، يقصدها المستثمرون من كل أنحاء العالم.