يصل الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم (الأحد) إلى مدينة هانوفر الألمانية في زيارة تستمر يومين وقد تكون الأخيرة أثناء ولايته لإجراء محادثات مع المستشارة الألمانية وحليفته الوثيقة أنغيلا مركل، حول في مواجهة اقتصاد عالمي متداعٍ وأزمات أمنية في الشرق الأوسط وأوكرانيا ومواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وتستقبله مركل في قصر «هيرنهاوزن» شمال البلاد، ويزور برفقتها معرض «هانوفر» التجاري - الصناعي الضخم حيث يُلقي كلمة يختتم فيها جولة خارجية استمرت 6 أيام، سعى خلالها إلى تعزيز التحالفات الأميركية التي يعتبرها أساساً لنمو التجارة ودحر «داعش» وإحداث توازن في ظلّ التدخل الروسي في أوكرانيا وسورية. وقبل عودته إلى واشنطن في ساعة متأخرة من مساء غد، يلتقي الرئيس الأميركي ومركل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي لتعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية بعد الاعتداءات الأخيرة في كلّ من باريس وبروكسيل، كما يُتوقع أن يجري الزعماء محادثات تبحث أفضل السبل للتوصل إلى تسوية سياسية في سورية. وفي مقابلة حصرية مع «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، قال الرئيس الأميركي أنه يستطيع «ممارسة ضغوط على كل الأطراف بما فيها روسيا وإيران لإحداث تحول سياسي في سورية» وأن خيار إرسال قوات برية إليها «خاطئ». وحرص أوباما عشية زيارته الخامسة إلى ألمانيا على الإشادة بالمستشارة الألمانية واصفاً إياها ب «حارسة أوروبا»، التي تبنت موقفا «شجاعاً» في أزمة المهاجرين، قائلاً «أفتخر بأن مركل صديقتي». وقال أوباما لصحيفة «بيلد» الأكثر انتشاراً في ألمانيا: «عملت معها لفترة طويلة وبشكل أوثق مما عملت مع أي قيادي عالمي آخر، وعلى مدى السنوات تعلمت منها. إنها تجسد الكثير من المواصفات القيادية التي تثير إعجابي وهي تسترشد بالمصالح والقيم في آن». ووصفت صحيفة «فرانكفورتر الغيمايني تسايتونغ» الألمانية الزعيمين ب«روحين توأمين»، لكن العلاقة بينهما شهدت محطات متوترة، بخاصة عند اندلاع أزمة اليورو، حين أخذت واشنطن على برلين صرامة نهجها العقائدي، إذ بقيت متمسكة بأولوية التقشف المالي وتقويم الموازنة، وعند الكشف في عام 2013 عن برامج التنصت التي تطبقها «وكالة الأمن القومي الأميركية» في العالم وشملت الهاتف النقال الخاص بمركل. وعلى رغم التوتر الذي أثارته برامج التنصت الأميركية، لا يزال أوباما يتمتع بشعبية هائلة في ألمانيا، فيرى 84 من الألمان أنه قام بعمل جيد، مقابل 7 في المئة فقط يرون أنه كان رئيساً سيئاً، وفق استطلاع للراي نشر نتائجه معهد «أمنيد» أول من أمس. وقرّبت المواقف المتجانسة بين البلدين وخصوصاً في ما يتعلّق بالحزم حيال موسكو في قضية أوكرانيا والملف النووي الإيراني، بين الزعيمين من جديد. ورأى المحلل في المجلس الألماني للعلاقات الدولية يوزف برامل ان هذا التقارب هو في المقام الأول عملي، مضيفاً ان «لا فائدة عسكرية لألمانيا على الإطلاق في نظر الولاياتالمتحدة، فمساهمتها في الحلف الأطلسي ضئيلة جداً وقلما تقوم بعمل عسكري، وما يحمل على التعامل بجدية مع هذا البلد هو موقعه القيادي في أوروبا وقوته الاقتصادية. وعلى هذا الصعيد، ألمانيا ليست شريكاً فقط، بل هي منافس أيضاً، وهذا ما يدفعهم إلى التجسّس عليها». وتتصدر المنتجات الألمانية معرض «هانوفر» الصناعي، ويُتوقع أن يغتنم القادة الأميركيون والألمان وجود هذه الحشود من رؤساء الشركات ورجال الأعمال للترويج لاتفاق التبادل الحر الجاري التفاوض في شأنه بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة لدى جمهور مقتنع تماماً بفائدته. تجدر الإشارة إلى أن أوباما قضى ثلاثة أيام في لندن، دعا خلالها البريطانيين إلى البقاء في الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء يجري في حزيران (يونيو) وهو استفتاء يمكن أن يحدث «هزة» في الاقتصاد. والتقى أوباما الأسبوع الماضي، زعماء دول «مجلس التعاون الخليجي» في الرياض لتبديد مخاوف تزعم ان واشنطن أصبحت أقل التزاماً بأمن هذه الدول.