بعد مئة يوم من صدور القائمة الرابعة ل85 مطلوباً خارج المملكة، كشفت سلطات الأمن السعودية خططاً واستراتيجيات جديدة لتنظيم «القاعدة» في الجزيرة العربية منذ أيار (مايو) عام 2003، ما حدّ من تحركاتهم خلال الفترة الأخيرة، وخصوصاً بعد القبض على خلية ال11، وتسليم اثنين أحدهما قيادي، واعتقال آخر. من جهة أخرى، كشف مصدر مطلع ل «الحياة» إن نائب أمير تنظيم «القاعدة» في الجزيرة العربية سعيد الشهري المكنى ب «أبوسفيان الأزدي» الذي أُطلق بعدما تسلمته المملكة من غوانتانامو، هو من غرس فكرة انضمام العائدين في الدفعة العاشرة من خليج كوبا إلى خلايا التنظيم، وذلك ضمن الأفكار التي يطرحها عليهم في برنامج الرعاية والتأهيل في طريقة سرية، مشيراً إلى «أن محمد العوفي أدلى في اعترافاته بعد تسليم نفسه من اليمن بأن فكرة الخروج عن طاعة ولي الأمر (من دون تحديد الدولة) كانت تراوده خلال البرنامج». وقال المصدر إن الشهري وهو المطلوب الرقم (31) على قائمة ال85، يملك الفكر التكفيري منذ منتصف التسعينات عندما كان يتردد على إيران عن طريق البحرين لتسهيل دخول المقاتلين إلى أفغانستان، ومساندة الجماعات المقاتلة في كابول قبل أن يقبض عليه في 2002 ويودع في غوانتانامو، خصوصاً أنه حرض عدداً من زملائه على ترك زوجاتهم (بعضهن حُمّل) وكذلك أقاربه، للانضمام الى صفوف «القاعدة». وأشار المصدر إلى أن «أبو سفيان الأزدي» يتزعم عدداً كبيراً من الموقوفين السعوديين في غوانتانامو داخل أحد السجون الخمسة، وذلك بعدما قرر حراس المعتقل ترشيح شخص واحد للتحدث عن المعتقلين في السجن، إلا أن الشهري فرض نفسه على زملائه وأصبح البعض يلقبه ب «الأمير». واستطاعت أجهزة الأمن خلال الفترة الماضية تضييق الخناق على تحركات خلايا تنظيم «القاعدة»، وحدّت من تحركاتهم داخل المملكة، وذلك بعد كشفهم خلية ال11، ولا سيما أن هناك تعاوناً أمنياً عالي المستوى بين الرياض وصنعاء، ساعد في تبادل المعلومات في شكل سريع. وتستخدم أجهزة الأمن العامل النفسي في شكل رئيسي في عملية مطاردتها المطلوبين أمنياً من خلايا التنظيم، عبر نشر صورهم وأسمائهم في وسائل الإعلام، وذلك بعدما تحققت من تنقلاتهم بين المنازل والشقق التي يستخدمونها أوكاراً لتخطيط عمليات إرهابية، من خلال رفع البصمات وتحليل الحمض الريبي النووي (دي أن اي) أثناء عمليات دهم وتفتيش المواقع المشتبه بها، ومطابقتها مع عينة والديّ المطلوب. وشملت قائمة ال85 التي أعلنتها السعودية في الثالث من شباط (فبراير) الماضي 11 مطلوباً (أحدهم سلّم نفسه) تسلمتهم المملكة من غوانتانامو، واستجابوا لمركز الرعاية والتأهيل (المناصحة) وأطلقوا، وزعيم التنظيم ناصر الوحيشي وقائده العسكري قاسم الريمي (يمنيا الجنسية). وكشف اثنان ممن سلما نفسيهما إلى المملكة، أحدهما المطلوب رقم 73 محمد العوفي، وهو قيادي عسكري بارز في التنظيم، والمطلوب رقم 61 فهد البلوي الذي يدعم التنظيم بالأسلحة ويسهل دخول المقاتلين إلى العراق عن طريق سورية، التكتيكات العسكرية وأداء عملهما اليومي ومصادر التدريب ونوعية التسليح التي تتوافر لدى عناصر «القاعدة». وأوضح مسؤول أمني في وزارة الداخلية ل «الحياة» أن التحقيقات مع العوفي والرويلي بعد مبادرتهما بتسليم نفسيهما، سيكون لها أثر كبير في التعرف على مصادر التنظيم وطرق التمويل والتكتيكات في خططهم وتحركاتهم في اليمن والعراق. وأضاف أن «حدوداً كبيرة تربطنا مع اليمن جزء منها جبال شاهقة. وكان محمد العوفي أحد المتسللين عبر الحدود، وبالتالي ستكون كل الطرق مكشوفة أثناء دخولهم وخروجهم. ورجال الأمن يأخذون كل هذه الخطط في الاعتبار، ولا سيما أن استراتيجية التنظيم الجديدة تخطط لعملية إرهابية وترصدها، ومن ثم ترسل مجموعات لتنفيذ الأهداف داخل المملكة، ثم العودة مرة أخرى إلى اليمن». وأشار المسؤول الى تصوير عملية درس المواقع التي يخطط تنظيم القاعدة لاستهدافها. وقال إن شخصاً واحداً ليست له علاقة بعمليات التنفيذ يتولى الاستعداد لها «وعلى الفور يسلم المخطط للخلية حتى تأتي من خارج المملكة وتحديداً من اليمن». ولفت إلى أن «عبور مسافات طويلة للوصول إلى المواقع المهمة المتمركزة في الرياض أو جدة أو الدمام أمر في غاية الصعوبة، نظراً إلى انتشار قوات الأمن على الطرقات الرئيسية والفرعية وصولاً إلى المدن الرئيسية». وأشار المسؤول في وزارة الداخلية إلى أن العوفي استدل على أماكن التدريب والتجمعات والمواقع التي ليست لها قيود، وعمليات التموين التي يستقبلونها من الأموال والغذاء، وخصوصاً في الخلية التي تضم 11 (مطلوباً) وقبض عليها الشهر الماضي في إحدى المغارات الجبلية (جنوب المملكة)، وتمارس اعتداءات على رجال الأمن والقيام بعمليات خطف واحتجاز رهائن وتنفيذ عمليات سطو مسلح لتمويل نشاطاتهم الإجرامية. وأضاف أن «التنظيم يبحث عن امتلاك أرضية خصبة للقاعدة في المنطقة وخصوصاً في اليمن، وذلك لرفع مستوى التجنيد، وتحقيق نجاحات من أجل توثيقها في أشرطة الفيديو لنشرها على مواقعهم في شبكة الانترنت، بهدف اكتساب تعاطف عدد كبير داخل الخلايا الإرهابية». وأفاد أن استراتيجية التنظيم «مرنة» تتغير بحسب المكان والزمان، وترتبط بالنواحي المالية أو تحديد أهداف أو الإعداد للتدريب والتجنيد، وفي الوقت الحالي يتجه بعض من أفراد التنظيم إلى الصومال التي تشهد صراعات حتى يتسنى لهم الحرية في التنقل، ويفعلون ما يريدون. يذكر أن السعودية تعرضت منذ 12 أيار (مايو) 2003، إلى خمس عمليات انتحارية في الرياض، استهدفت مواقع سكنية ومبنى إدارة المرور، وتعرضت لعمليات اغتيالات استهدفت ضباط أمن ومقيمين أجانب، فيما أحبطت السلطات الأمنية العديد من السيارات المفخخة وضبط العديد من الأسلحة والقنابل الثقيلة والخفيفة، بعضها عثر عليها في أوكارها وأخرى في باطن الأرض، وتمكنت من قتل ووقف عدد من القيادات والدعم اللوجستي للتنظيم.