ضرب محمد كفاً بكف عندما عرف كلفة المهرجان الثقافي الأفريقي الذي ستحتضنه الجزائر في تموز (يوليو) المقبل، والبالغة قرابة 5 بلايين دينار، وقال: «ترى كم فرصة عمل كانت لتخلقها كل تلك الأموال؟». وتدريجاً تحول الحديث مع هذا الشاب العامل في مؤسسة للخزف من أهمية المهرجان وجمالياته وآثاره الثقافية وحتى السياسية على البلد، إلى حديث عما كان لتلك الأموال أن تحققه في مجال التشغيل أو التكوين أو حتى مساعدة الفئات المحرومة التي لا تعنيها الثقافة بمقدار ما يعنيها تأمين قوت اليوم. لم يكن محمد الوحيد الذي غيّر مسار الحديث عن المهرجان من الثقافة إلى الاقتصاد. فليلى التي تعمل على ماكنة خياطة في ورشة أحد الصينيين غرب العاصمة، أجابت بسخرية: «لا علم لي بالمهرجان ولكني غير مندهشة فالمهرجانات كثيرة والمغنون لا يتوقفون عن التدفق علينا وهم محقون لأنهم يجنون أموالاً طائلة ولو كان لدي قدرة على الغناء لتركت ماكنة الخياطة هذه». وبلغة أكثر دقة تساءل سمير العامل في مديرية الضرائب: «أليس العالم في أزمة مالية خانقة؟ فحتى الدول الكبرى تسعى للتقشف وتعمل على إيجاد حلول لتخطي تلك الأزمة عليها، فكيف نحن ننظم مهرجاناً قارياً، وندفع تكاليف الوفود المشاركة بل ونناقش تسديد مبالغ مالية للمشاركين، من دون أن أسمع أحداً من المعارضة يسأل ما الذي سنجنيه من إنفاق قرابة 55 مليون يورو في أسبوعين؟». زميله عدنان هز رأسه موافقاً وأضاف: «ترى الحكومة أن الشؤون الافريقية مسألة استراتيجية وأمثالي يرون أن سد الحاجات الكثيرة للجزائريين بخاصة الشباب منهم أولوية كبرى ونحن أولى بأموال نفطنا». أما نجية العضوة في فرقة رقص فلكلورية من مدينة تيزي وزو فقالت انها سمعت عن حضور عشرات فرق الرقص الفولكلورية المحلية إلى العاصمة للمشاركة إضافة إلى أكثر من 1000 فرقة أجنبية بما فيها البرازيليون، «فبالنسبة إلى شخص مثلي لا يمكن أن يكون ذلك إلا فرصة نادرة للتعرف الى ثقافات عالمية وتعريف الآخرين بثقافاتنا المحلية، إنني أعتبره إثراء لمساري الشخصي». كذلك لم يخف فريد الذي حضر صالون اليوم الوطني للرقص حماسته للمهرجان وهو المهتم بالأغنية العاصمية والرقص والنحت على الخشب. وقال ان القارة الأفريقية بلغاتها وتقاليدها وتنوع ثقافاتها ستزور الجزائر وهذا يستحق الاهتمام، معتبراً نفسه «من المحظوظين» لأنه سيشارك «ولو من جانب الجمهور». وعبر فريد في الوقت نفسه عن أسفه لغياب المغرب عن هذا الحدث بسبب السياسة «التي كم تمنيت تجاهلها في حدث ثقافي من هذا النوع، لأننا نتقاسم الكثير مع جيراننا المغاربة». وقالت صورية زبيري وهي عازفة قيثار ومغنية انها تشارك عدداً من زملائها الفنانين في إعداد أغنية عن رمز الوحدة الأفريقية مريم ماكيبا التي سيكرمها المهرجان. وفي لقاء مع «الحياة» قال مسؤول الإدارة والتنسيق في المهرجان احمد بن بليدية ان من المنتظر استقبال 6000 شخص للإقامة في الجزائر لفترة أسبوعين ابتداء من 5 تموز (يوليو) المقبل، مشيراً إلى أن 85 في المئة من المشاركين هم من الشباب الذين لا تتجاوز أعمار غالبيتهم الثلاثين. وعن الخصوصيات «الشبابية» للمهرجان، قال المتحدث: «تم تخصيص إقامات إبداع للشباب وكذلك جانب للموسيقى الشبابية إضافة إلى عدد من النشاطات الموجهة للشباب الصغار مثل بعض محاور معارض الكتب وأيضاً معارض ومسابقات الأشرطة المرسومة الأفريقية».