بعيداً عن الهرج الإعلامي الذي رافق الإعلان عن جهاز ل «للشفاء» من فيروسي الكبد والايدز، وهو جهاز سخر المصريون منه وسمّوه «جهاز الكفتة»، هناك جهود مصريّة علميّة دؤوبة وصبورة للقضاء على فيروس الكبد المنتشر في بلاد النيل. في سياق تلك الجهود، عقدت «الجمعية المصرية للطب الاستوائي والأمراض الطفيليّة» مؤتمرها الدولي العشرين في الإسكندرية قبل فترة، بمشاركة قرابة 500 من أطباء الكبد والجهاز الهضمي في مصر. وشارك في المؤتمر عدد من شركات الأدوية، منها شركة «إيفا فارما» EVA pharma التي حصلت قبل سنتين على شهادة الموافقة الأوروبية على تصنيع المستحضرات الدوائيّة كافة. وتمثّل «إيفا فارما» إحدى الشركات الوطنيّة التي تنتج أدوية فيروسات الكبد منذ أكثر من عشر سنوات، كما توفر مجموعة من الأدوية بجودة تماثل نظيراتها المستوردة ضمن سعر اقتصادي يناسب مداخيل المصريّين. وناقش المؤتمر موضوعات عدّة، أهمها ظهور علاجات شافية لمرضى التهاب الكبد الناجم عن الفيروس («سي»)، والمنتشر في مصر بنسب تتراوح بين 7 و10 في المئة من السكان. وألقى أساتذة الكبد والجهاز الهضمي محاضرات تناولت طرق استخدام العلاجات الحديثة لفيروس («سي») التي تؤخذ من طريق الفم. كما نوقشت طُرُق وصف عقار «سوفوسبوفير» Sofosbuvir مع إضافة عقاقير أخرى إليه، بهدف الوصول إلى علاج فعال لالتهاب الكبد الفيروسي، ما يغني عن استخدام حقن «انترفيرون» التي تصاحبها آثار جانبيّة كثيرة. ويذكر أن الاسم العلمي لذلك الدواء هو «سوفالدي» Sovaldi، الذي اكتشفه باحث من أصل مصري، وتوسّط لتسويقه في مصر بسعر متهاود نسبيّاً. وفي خريف 2014، أجاز «مكتب الغذاء والدواء» عقار «هارفوني» الذي يضم «سوفوسبوفير» مع «لِديباسفير» Ledipasvir، وهو أول عقار مُركّب يؤخذ من طريق الفم لعلاج فيروس «سي»، مع الإشارة إلى أنّه فعّال ضد النوع الجيني الأول من ذلك الفيروس، الذي يوجد بأنواع جينيّة متنوّعة. معايير صارمة في سياق متّصل، أكّد أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي في «الأكاديميّة الطبيّة العسكريّة» الدكتور شريف عبدالفتاح، أن الحكومة المصرية وجهاز الرقابة الدوائية لهما معايير حاسمة في الموافقة على الأدوية، ما أدى إلى غياب بعضها عن السوق المصريّة، بانتظار أن تجتاز اختبارات عمليّة صارمة. وألقى الدكتور أيمن يسري، رئيس قسم الأمراض المتوطّنة والكبد في كلية طب قصر العيني بجامعة القاهرة، محاضرة تناولت الإصابة المزدوجة بفيروسي التهاب الكبد الوبائي («بي») و(«سي»)، وهي تترافق مع تسارع المضاعفات كتليّف الكبد بوتيرة أسرع من المصابين بفيروس («سي») وحده. وكذلك لفت الدكتور هشام الخياط، وهو أستاذ الكبد والجهاز الهضمي في «معهد تيودور بلهارس» في القاهرة، إلى أن النوع الجيني الرابع من فيروس هو الذي يصيب معظم المصريين. ويعتبر نوعاً قابلاً تماماً للاستجابة إلى العلاجات الحديثة. وأشرفت على أعمال المؤتمر نخبة كبيرة من الأساتذة المتخصصين من بينهم الدكتور أحمد الجارم (رئيس «الجمعية المصرية للطب الاستوائي والأمراض الطفيليّة»، ورئيس المؤتمر)، والدكتورة سهام عبدالرحيم (الأمينة العامة للمؤتمر) والدكتور حلمي أباظة وغيرهم.